للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} ، وغيرها من الآيات التي تشير إلى وَحْدَة الخَلْق"١.

ولا شك عندي أن هذا تفسير خاطئ، وقع فيه الأستاذ عبد الرزاق نوفل، ولو نظر إلى كلمات الآية لتبين له ذلك.

فالآية تنص على {نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} فهل البروتونات والإلكترونات نفس؟! والخطاب في الآية {خَلَقَكُمْ} وفي النساء {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ، وفي الأنعام {أَنْشَأَكُمْ} ، والآية تخاطب الناس -أي: البشر- وتتحدث عن خلقهم ونشأتهم فكيف يقول: كل شيء في الوجود، ويقول: إن كل ما خلق الله إنما خلقه من نفس واحدة، فمن أين جاء بهذا العموم؟!

وبقية الآية التي لم يوردها الأستاذ عبد الرزاق كاملة تقول: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فهل هذا ينطبق على البروتونات والإلكترونات المزعومة، سبحانك ربي!.

فلننزه القرآن الكريم عن مثل هذه التفسيرات الباطلة التي لا يحتاج بطلانها إلى ثبوت بطلان النظرية العلمية؛ بل إن الآية القرآنية نفسها تحمل في عباراتها ما لا يدل على هذه النظريات، فضلًا عن تفسيرها به.

عاشرًا: قوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ٢

قال ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيرها: "رُوي عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد أنهم قالوا: لها عمد ولكن لا ترى، وقال إياس بن معاوية: السماء على الأرض مثل القبة؛ يعني: بلا عمد، وكذا رُوي عن قتادة، وهذا هو اللائق بالسياق، والظاهر من قوله تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَع


١ القرآن والعلم الحديث: عبد الرزاق نوفل ص١٥٦، ١٥٧.
٢ سورة الرعد: من الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>