للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} ١، فعلى هذا يكون قوله: {تَرَوْنَهَا} تأكيدًا لنفي ذلك؛ أي: هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها، وهذا هو الأكمل في القدرة"٢.

أما التفسير العلمي فقدمه الأستاذ محمود أحمد مهدي، ذكر فيه أن الأعمدة التي تمسك هذه العوالم الضخمة هي قانون الجاذبية، فقال: "وعن هذا الإمساك تحدث العلماء أخيرًا وبعد لأي وجهد من أن الذي يمسك هذه العوالم الضخمة كلها، ويتحكم فيها قبضًا وبسطًا -بإرادة الله طبعًا- هو قانون الجاذبية ... أجل، إنها الجاذبية التي اهتدى إليها العلماء والعلم؛ ولكن بعد أن أشار إليها القرآن وبرهن بجلاء {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} وما كانت تلك العمد أو الأعمدة إلا الجاذبية التي تجذب الثقيل إلى الأثقل، والكبير إلى الأكبر"٣.

الحادي عشر: قال تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} ٤.

قال الشوكاني -رحمه الله تعالى- في تفسيره: " {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} صفة أخرى للرب؛ أي: أنبت العشب وما ترعاه النعم من النبات الأخضر {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} أي: فجعله بعد أن كان أخضر غثاء؛ أي: هشيمًا جافًّا كالغثاء الذي يكون فوق السيل {أَحْوَى} أي: اسود بعد اخضراره؛ وذلك أن الكلأ إذا يبس اسود، قال قتادة: الغثاء الشيء اليابس، ويقال للبقل والحشيش إذا انحطم ويبس: غثاء وهشيم ... وقال الكسائي: هو حال من المرعى؛ أي: أخرجه أحوى من شدة الخضرة والري {فَجَعَلَهُ غُثَاءً} بعد ذلك، والأحوى مأخوذ من الحوة وهي سواد يضرب إلى الخضرة، قال في الصحاح: والحوة سمرة الشفة، ومنه قول ذي الرمة:

لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي اللثات وفي أنيابها شنب"٥


١ سورة الحج: من الآية ٦٥.
٢ تفسير ابن كثير: ج٢ ص٥٣٨.
٣ البرهان من القرآن: محمود أحمد مهدي ص٧٥، ٧٦.
٤ سورة الأعلى: الآيتين ٤، ٥.
٥ فتح القدير: الإمام الشوكاني ج٥ ص٤٢٣، ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>