للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل أنتم ستقرءونها وتعشقوني بها "!!! "١.

ونحن نرفض هذه الدعوة من الشيخ طنطاوي إلى العلوم بهذه الأساليب؛ فلا يصح أن ينسب إلى الله قولًا لم يقله حتى ولو كان يعده إشارة من طرف خفي، ولا تصح هذه العبارات؛ أعني: عبارات الغرام والعشق، فهي اصطلاحات ما أنزل الله بها في مقامه من سلطان.

وكثيرًا ما يقارن طنطاوي جوهري بين عناية العلماء بالفقه وآيات الفقه، وعدم اهتمامهم بالعلوم الكونية وآياته، ويتساءل: "لماذا ألف علماء الإسلام عشرات الألوف من الكتب الإسلامية في علم الفقه، وعلم الفقه ليس له في القرآن إلا آيات قلائل لا تصل مائة وخمسين آية؟ فلماذا كثر التأليف في علم الفقه، وقل جدًّا في علوم الكائنات التي لا تخلو منها سورة؛ بل هي تبلغ ٧٥٠ آية صريحة؟ وهناك آيات أخرى دلالتها تقرب من الصراحة، فهل يجوز في عقل أو شرع أن يبرع المسلمون في علم آياته قليلة، ويجهلون علمًا آياته كثيرة جدًّا؟ إن آباءنا برعوا في الفقه فلنبرع نحن الآن في علم الكائنات، لنقم به لترقى الأمة، فهذا الذي ينظر نظرًا سطحيًّا لآيات النظر في العالم نراه لم يكتفِ في البيع والهبة والميراث والحج والصلاة بالنظر السطحي؛ بل نراه في الوُضوء الذي هو شرط من شروط الصلاة لم يكتفِ بالنظر الظاهري؛ بل ازداد البحث فيه جدًّا في مئات المجلدات المؤلفة في المذاهب الأربعة وغيرها، أفلا ينظر المسلمون اليوم إلى علوم الدين الحقة وهي علوم الكائنات، علوم معرفة الله؟ إن علم الفقه لحفظ الأمم، وعلم الكائنات لمعرفة الله وحياة الأمم، وما به الحياة مقدَّم على ما به حفظ الحياة؛ إذ لا حفظ للحياة ولا عبادة لله إلا بعد ثبوت الحياة"٢.

وتجاوز طنطاوي دعوته إلى دراسة العلوم الكونية إلى ذم قراءة كتب لأمم مضت وانقضت بعبارة أخرى: كتب السلف، يقول مثلًا:

"وكتب التوحيد كتب أكثرها جدلية، وليس ينقذ أمة الإسلام من جهالتها


١ الجواهر: طنطاوي جوهري ج٢٥ ص٥٥.
٢ المرجع السابق: ج٢٥ ص٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>