للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ما لا يصح أن يقال، ونسب آراءه ومفاهيمه قولًا لله تعالى، فقال مثلًا: "سيقول بعض المسلمين: لقد نظرنا في النبات وعرفنا الله فإذا متنا وسألنا الله نقول: هكذا قد نظرنا وعرفناك، وأنا أقول: لكن الله يقول "!! ": النظر التام يكون بالعلم التام، فأين علمكم التام بهذه المخلوقات ولو بطريق فرض الكفاية؟ فيقول العالم المسلم: إني قرأت كتب قدمائنا كالمواقف وأمثالها، فيقال له: كلا، ثم كلا، هذه كتب وضعت لزمن غير زمانكم ولأمم غير أممكم، وليس لها مقصود إلا الرد على المبتدعة الذين ماتوا؛ فأنتهم تجادلون مع الأموات؛ ولكن المقصود إدراك العوالم لذاتها لا للجدال بها، وليس يمكنكم ذلك إلا بإشاعة هذه العلوم في دياركم؛ فيقرأ الصغار في المدارس فن الأشياء، ويقرأ الكبار نفس هذه العلوم، والعامة تبع الخاصة١.

وقال فيما قال من حديثه الذي لا نقبله ولا نرتضيه، وذلك في تفسيره لقوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} ٢، وما بعدها من الآيات قال: "ألا تتعجب من هذه الآيات، كيف ذكر الله فيها ما يأكله الإنسان وما يأكله الحيوان وكأنه يشير بطرف خفي وحكمه إلى باطن الأمر فيقول: أيها المسلمون، أنا أمرتكم بالنظر في النبات لأجل معرفتي، وأنتم بذلك الأعلون، ولو أني اخترت لكم قراءة العلوم من طريق الحياة الدنيا لعشتم بها كما عاش الفرنجة وغلبوكم، ولكنكم أنتم الذين اخترتكم لحفظ أرضي، وقد ملأت الأرض بعلوم النبات وغيره من علوم الطبيعة، وأنتم خير أمة أخرجت للناس؛ فلتقوموا بعد قراءة هذا التفسير وأمثاله "!! " ولتأخذوا علوم الأمم المحيطة بكم، وأنتم تقصدون بقراءتها الرقي إليَّ، وأني أرقيكم أسرع من غيركم، ويكفي في الرقي العلمي عشرون سنة، كما يقوله علماء السياسة والاجتماع عندكم، فهأنذا أيها المسلمون ملأت أوربا وأمريكا واليابان بالعلم؛ فقوموا من رقدتكم، وخذوا هذه العلوم، هم قرءوها للدنيا فاقرءوها أنتم لحبي وللغرام بي ولأجل لقائي،


١ الجواهر: طنطاوي جوهري ج٢٥ ص٥٥.
٢ سورة عبس: الآية ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>