أولهما: أن كثرة الأبحاث في هذا التفسير -التي كلها يصلح أن يكون مثالًا لطريقة صاحبه في تفسير القرآن الكريم- سبب لحيرة مَن يريد أن يختار بعضها أيها يقدم وأيها يؤخر، أيقدم هذا لقصر أبحاثه ويدع ذاك لطولها، أم يقدم هذا لما فيه من التطرف في التفسير، أم يقدمه لما فيه من الرأي الغريب الشاذ، أم يقدمه لما فيه من مخالفة الحق أو لما فيه من مخالفة النصوص الشرعية، أو يغمض عينه عن هذه الجوانب السلبية في التفسير ويقلب الصفحات تلو الصفحات ملتمسًا تفسيرًا مقبولًا عله يجد فيها شيئًا، أو يذكر شيئًا من هذا وذاك؟ فأيها يترك ويأخذ من هذا؟ وأين يجد ذاك؟ قر قراري في نهاية الأمر أن أذكر من التفسير ما له صلة في موضع البحث؛ ذلكم أني أبحث هنا في التفسير العلمي التجريبي، ولست أكتب عن منهج الجوهري في التفسير، فلأدع الجوانب العقدية والاجتماعية والأدبية، ولأحصر صلتي به في الجانب العلمي، ولأقتطف من هذا الجانب ما أراه المدى الذي وصل إليه في التزام هذا الجانب، أما الجوانب الأخرى فلها شأن آخر مع غير هذا البحث.
ومن هنا فإني أذكر من الأمثلة ما أراه متطرفًا فيها في التزامه التفسير العلمي، فهو الجانب الذي نبحثه أولًا، وهو الذي يكشف درجة المؤلف ومنزلته في هذا اللون من التفسير ثانيًا، وإني لأجزم أنه يتربع حتى الآن في المركز الأول لا يكاد ينافسه أحد.
أما ثانيهما: فلقد ترددت قليلًا في أن أذكر نصوصه بطولها أو أتصرف فيها بالاختصار والحذف، وخشيت أن يكون لتصرفي أثر في معانيها؛ فآثرت أن أذكرها بطولها؛ لتعطي الصورة الصادقة الكاملة حتى وإن كان فيها إطالة، وآثرت أيضًا أن يكون الاختصار في الأمثلة في عددها لا في ذاتها.
علم تحضير الأرواح:
والمؤلف متأثر تأثرًا بينًا بما يُسمى تحضير الأرواح، فكثيرًا ما يورد في تفسيره محاورات لأرواح يزعمها محضرة، وهو حين يورد هذه الأقوال يوردها مسلمًا مصدقًا لها. أما مَن لم تصح عنده هذه الخزعبلات فهو عند الشيخ