للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طنطاوي مقلد مع أنه يقر بأن هذا العلم قد اختلط فيه الحق بالباطل والصدق بالكذب.

ومع هذا يتأسف على تأخر المسلمين في هذا المضمار، وكان الأَوْلَى بالأمة المسلمة -حسب زعمه- أن تكون السباقة في هذا المضمار، المجدة في تعلمه.

وحديثه عن الأرواح وتفسيره لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} ١ الآيات -طويل، أنقل منه الموضع المراد على طوله حتى تكتمل الصورة، قال في تفسيره لهذه الآية:

"وأما علم تحضير الأرواح فإنه من هذه الآية استخراجه، إن هذه الآية تُتلى والمسلمون يؤمنون بها حتى ظهر علم تحضير الأرواح بأمريكا أولًا، ثم بسائر أوربا ثانيًا، فلأذكر نُبذة منه لتعرف كيف كان مبدأ هذا العلم، وكيف كان انتشاره بين الأمم، وفائدة هذا العلم أن مَن صحت عنده أحوال الأرواح وظهورها أيقن بالآخرة وبالحياة بعد الموت إيقانًا تامًّا، وأما مَن لم تصح عنده فإنه مقلد كسائر الناس، ولتعم أن هذا العلم متشعب، اختلط فيه الحق بالباطل والصدق بالكذب، وصار الناس فيه طائفتين: طائفة مكذبة، وطائفة مصدقة، ولكل حجج ليس هذا محلها؛ ولكن بالإجمال أقول: إن في العلم التباسًا كثيرًا وشكوكًا بسبب الأحوال الطارئة على المشتغلين به، وكان الأَوْلَى بأمة الإسلام أن تكون السابقة في مضماره، المجدة في تعلمه، المتقدمة على سائر الأمم في تحصيله؛ لتهدي الناس إلى سواء الصراط.

أفلا يرى المسلم ما جاء في هذه السورة في قوله تعالى: {قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وفعل إبراهيم ذلك، وقطع الطير ودعاها فأجابت فاطمأن، وهل نحن أكثر إيمانًا من إبراهيم؟ كلا، فإذا كان إبراهيم يطلب اليقين بالمعاينة فنحن أَوْلَى، والأنبياء أعلم منا، فكان يجب على المسلمين أن يكونوا هم البادئين بعلم إحضار الأرواح


١ سورة البقرة: الآيات من الآية ٦٦ إلى الآية ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>