للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعظم، وقد وضح ذلك بقوله: "فرض الإسلام على كل ذي دين أن يأخذ بحظه من علم ما أودع الله في كتبه، وما قرره من شرعه، وجعل الناس في ذلك سواء بعد استيفاء الشرط بإعداد ما لَا بُدَّ منه للفَهْم، وهو سهل المنال على الجمهور الأعظم من المتدينين، لا تختص به طبقة من الطبقات، ولا يحتكر مزيته وقت من الأوقات"١.

ولأنه سهل المنال فإن تلميذه السيد رشيد رضا يعد ما اشترطه العلماء في بلوغ رتبة الاجتهاد افتياتًا على الله تعالى، فقال: "وإن في إطلاق مقلدة المصنفين من خلف القرون الوسطى القول بإيجاب تقليد المجتهدين في أمور الدين، وتحريم الأخذ بالدليل فيه -لاشتراطهم فيه استعداد كل مستدل مستقل للتشريع- لافتياتًا على دين الله، ونسخًا لكتاب الله، وشرعًا لم يأذن به الله، خلاصته: تحريم العلم وإيجاب الجهل، وهذا منتهى الإفساد للفطرة والعقل، وهو أقطع المدى لأوصال الإسلام، وأفعل المعاول في هدم قواعد الإيمان، وعلة العلل لانتشار البدع التي ذهبت بهداية الدين واستبدلت بها الخرافات ودخل الدجالين"٢.

ولهذا فإنك ترى الحرص الشديد لدى رجال المدرسة العقلية الاجتماعية على ذم التقليد والتشنيع على المقلدين، وخلطوا بين التقليد في العقيدة والتقليد في الأحكام، وقلبوا الآيات، ففي تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ٣ قال الأستاذ محمد عبده: "فما جرى عليه المقلدون من المسلمين من الأخذ بآراء بعض الفقهاء في العبادات والحلال والحرام هو عين ما أنكره كتاب الله تعالى على أهل الكتاب، وجعله منافيًا للإسلام؛ بل جعل مخالفتهم فيه هي عين الإسلام، فليعتبر المعتبرون"٤.

وخذ مثلًا ما قاله في قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا


١ رسالة التوحيد: محمد عبده ص١٦٢، ١٦٣.
٢ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١ ص١١٤.
٣ سورة آل عمران: من الآية ٦٤.
٤ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٣ ص٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>