للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَاب} ١: "لولا أن حيل بين المقلدين وهداية القرآن لكان لهم في هذه الآية أشد زلزال لجمودهم على أقوال الناس وآرائهم في الدين، سواءكانوا من الأحياء أم الميتين، وسواء كان التقليد في العقائد والعبادات أم في أحكام الحلال والحرام؛ إذ كل هذا مما يؤخذ عن الله ورسوله، ليس لأحد فيه رأي ولا قول إلا ما كان من الأحكام متعلقًا بالقضاء، وما يتنازع فيه للناس فلأولي الأمر فيه الاجتهاد بشرط إقامة للعدل".

إلى أن قال: "في مثل هؤلاء المتبوعين والتابعين نزل في قوله تعالى في سورة الأعراف: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ، وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} ٢، فكلٌّ يؤاخذ بعمله، فإذا حمل الأول الآخر على رأيه، ودعاه إلى اتباعه فيه، أو في رأي غيره الذي يقلده هو فيه فهو من الأئمة المضلين، وعليه إثمة ومثل إثم مَن أضلهم مِن غير أن ينقص من إثمهم شيء؛ إذ حرم الله عليهم اتخاذ الأنداد من دون الله فاتخذوهم"٣.

وهذا الشيخ عبد العزيز جاويش يرى أن الاجتهاد يلزم كل مَن قدر على فَهْم القرآن والكتب الصحاح! حيث يقول: "فكل مَن يعرف لغة القرآن لا ينبغي له بحال ما أن يقلد غيره تقليدًا متى قدر على فَهْمِه وفهم الكتب الصحاح في السنة، فلم ينسد ولن ينسد باب الاجتهاد برغم أنف مَن أرادوا أن يحجروا على العقول البشرية، ويقيموا عليها أوصياء من الأولين؛ حتى تسير كما ساروا، وتقول بما قالوا"٤.

هذه بعض نصوصهم وعباراتهم، ولا شك أن الدعوة المتطرفة لا يتولد عنها


١ سورة البقرة: الآية ١٦٦.
٢ سورة الأعراف: من الآيتين ٣٨، ٧٩.
٣ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٢ ص٧٩.
٤ الإسلام دين الفطرة والحرية: عبد العزيز جاويش ص٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>