للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ١، قال: "وأقوى الأحاديث الواردة في طلوع الشمس من مغربها ما رواه البخاري في كتاب الرقاق عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانه خيرًا". اهـ، وأخرجه أيضًا أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم"٢.

ثم قال: "هذا وإن أبا هريرة -رضي الله عنه- لم يصرح في هذه الأحاديث بالسماع من النبي صلى الله عليه وسلم، فيخشى أن يكون قد روى بعضها عن كعب الأحبار وأمثاله فتكون مرسلة؛ ولكن مجموع الروايات عنه وعن غيره ثبت هذه الآية بالجملة؛ فننظمها في سلك المتشابهات، ونحمل التعارض بين الروايات وما في بعضها من مخالفة الأدلة القطعية على ما أشرنا إليه من الأسباب؛ كالرواية عن مثل كعب الأحبار من رواة الإسرائيليات، والله أعلم"٣.

وخذ مثلًا ثالثًا وأخيرًا لهذا الأسلوب، ما قاله السيد رشيد رضا في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ٤، قال: وفي حديث أخرجه أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: "خلق الله عز وجل التربة يوم السبت ... الحديث ".

ثم قال: "إن كل ما رُوي في هذه المسألة من الأخبار والآثار مأخوذ من الإسرائيليات لم يصح فيها حديث مرفوع، وحديث أبي هريرة هذا -وهو أقواها- مردود بمخالفة متنه لنص كتاب الله "!! " وأما سنده فلا يغرنك رواية مسلم له به "!! " فهو قد رواه كغيره عن حجاج بن محمد الأعور المصيص عن ابن جرير، وهو قد تغير في آخر عمره، وثبت أنه حدَّث بعد اختلاط عقله، كما في


١ سورة الأنعام: من الآية ١٥٨.
٢ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٨ ص٢١٠، ٢١١.
٣ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٨ ص٢١٠، ٢١١.
٤ سورة الأعراف: من الآية ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>