للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأسباب لا اعتبار لها، وقد اعترف الأستاذ رشيد رضا بأن الأستاذ الإمام "كان مقصرًا في علوم الحديث؛ من حيث:

الرواية، والحفظ، والجرح والتعديل"١، ومر بنا أيضًا وصفه له بأنه كان لا يثق إلا بأقل القليل مما رُوِيَ في الصحاح من أحاديث الفتن٢.

وتارة يرفضون التفسير بالمأثور بأسلوب آخر؛ وهو الزعم بأنه من الإسرائيليات، حتى وإن رواه البخاري ومسلم، خذ مثلًا

تفسير الأستاذ محمد رشيد رضا لقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ٣؛ حيث قال: "ولا ثقة لنا بشيء مما رُوي في هذا التبديل من ألفاظ عبرانية ولا عربية، فكله من الإسرائيليات الوضعية، كما قاله الأستاذ الإمام هنالك، وإن خرج بعضه في الصحيح والسنن موقوفًا ومرفوعًا؛ كحديث أبي هريرة المرفوع في الصحيحين وغيرهما: "قبل

لبني إسرائيل: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} ٤، فدخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا: حطة حبة في شعرة وفي رواية: "شعيرة"، ورواه البخاري في تفسير السورتين٥ من طريق همام بن منبه أخي وهب، وهما صاحبا الغرائب في الإسرائيليات، ولم يصرح أبو هريرة بسماع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيحتمل أنه سمعه من كعب الأحبار؛ إذ ثبت أنه روى عنه، وهذا مدرك عدم اعتماد الأستاذ -رحمه الله تعالى- على مثل هذا من الإسرائيليات وإن صح سنده "!! "؛ ولكن قلما يوجد في الصحيح المرفوع شيء يقتضي الطعن في سندها"٦.

وخذ مثلًا آخر لهذا الأسلوب في رد التفسير بالمأثور بما قاله السيد محمد رشيد رضا في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا


١ تاريخ الأستاذ الإمام: محمد رشيد رضا ج١ ص٥.
٢ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٩ ص٤٦٦.
٣ سورة الأعراف: من الآية ١٦٢.
٤ سورة البقرة: الآية ٥٨.
٥ يقصد سورتي: البقرة والأعراف.
٦ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٩ ص٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>