للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى، أما ما وراء ذلك من اعتقاد أن مواد جهنم وعناصرها وطبائعها وغليانها وحسيسها من جنس ما نعرفه في الدنيا أو لا، فهذا مما لم نكلفه رحمة بنا؛ إذ القصد أن يؤدي علمنا بالنار إلى الخشية والازدجار، وهذا يحصل بمجرد ما قصه الله علينا من أمرها، وأن الداخل إليها يشعر من الألم بأقصى ما يعهده في دار الدنيا"١.

وعودة إلى أستاذ هذه المدرسة وإمامها الشيخ محمد عبده، نذكر له توقفه عن الإطناب في شأن الميزان يوم القيامة؛ وذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَة} ٢، قال: "ومن عجيب ما قاله بعض المفسرين: "إنه ميزان بلسان وكفتين كأطباق السماوات والأرض، ولا يعلم ماهيته إلا الله"!!، فماذا بقي من ماهيته بعد لسانه وكفتيه حتى يفوض العلم فيه إلى الله؟! والكلام فيه جرأة على غيب الله بغير نص صريح متواتر عن المعصوم، ولم يرد في الكتاب إلا كلمة الميزان، وقدر ما يمكننا أن نفهم منها لننتفع بما نعتقد وما عدا ذلك فعلمه إلى الله سبحانه ... وعليك أيها المؤمن المطمئن إلى ما يخبر الله به أن تؤمن أن الله يزن الأعمال، ويميز لكل عمل مقداره، ولا تسل: كيف يزن؟ ولا كيف يقدر؟ فهو أعلم بغيبه، والله يعلم وأنتم لا تعلمون"٣.

هذه بعض الأمثلة على توقف رجال المدرسة العقلية الاجتماعية عن الإطناب فيما أبهمه القرآن الكريم مما لا طائل في معرفته.


١ تفسير جزء تبارك: عبد القادر المغربي ص٧.
٢ سورة القارعة: الآيتين ٦، ٧.
٣ جزء عم: محمد عبده ص١٤٥، ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>