للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَدَّ دين الإسلام الذريعة بتحريم هذه المواثل؛ خشية أن تسترهب ضعفاء العقول وتستهويهم، ومن مزالق الوثنية تقربهم وتدنيهم، فلله الإسلام فما أعدله فيما شرع وحكم، وما أوضح نهجه فيما خط لنا من الهداية ورسم"١.

وفي قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} ٢ الآية، يقول السيد رشيد رضا: "فإذا قيل لهم: إن أصله الغلو في الصالحين -ولا سيما الميتين منهم- واعتقاد تصرفهم في الكون، ودعاؤهم في طلب النفع ودفع الضَّر، وأن مثله أو منه ما كان يُحكى عن مسلمي بخارى: إن شاه نقشبند هو الحامي لها؛ فلن تستطيع الدولة الروسية الاستيلاء عليها، وما كان يُحكى من مسلمي المغرب الأقصى من حماية مولاي إدريس لفاس وسائر المغرب أن تستولي عليها فرنسا أنكروا على القائل أن هذا كذلك، وقالوا: إنما هو توسل بجاه الأولياء عند الله، وليس من المنكر أن يدفعوها بكرامتهم؛ فكرامة الأموات ثابتة كالأحياء.

وقد بينا لهم جهلهم هذا بتبدل الأسماء ومخالفتهم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله وسيرة السلف الصالح من الأمة في فتوحاتهم وتأسيس ملكهم وحفظه، وخصصنا أخواننا أهل المغرب الأقصى بالإنذار منذ أنشئ المنار، وأرشدناهم إلى تنظيم قواتهم الدفاعية العسكرية، وطلب الضباط له من الدولة العثمانية، وإلى العلوم والفنون المرشدة إلى القوة والثروة والنظام، وإلا ذهبت بلادهم من أيديهم قطعًا، فقال المغوون لهم من أهل الطرائق القدد بلسان حالهم أو مقالهم: إن صاحب المنار معتزلي منكر لكرامات الأولياء، وما هو بمعتزلي ولا أشعري؛ بل هو قرآني سني.

وها هي ذي فرانسا استولت على بلادهم كما أنذرهم، وظهر أن أكبر مشايخ الطريق نفوذًا ودعوى للكرامات بالباطل كالتجانية كانوا وما زالوا من خدمة فرانسا ومساعديها على فتح البلاد واستعباد أهلها، أو إخراجهم من دين الإسلام إلى الإلحاد أو النصرانية، من حيث يدرون أو لا يدرون.


١ تفسير جزء تبارك: عبد القادر المغربي ص٦٢.
٢ سورة هود: من الآية ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>