للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاحتفالات التي تُسمي بالموالد، وكلها بدع ومنكرات، حتى إن الذكر الذي يكون فيها ليس من المعروف في الشرع!!

والسبب الصحيح في هذا كله هو محاولة إرضاء الناس بمجاراتهم على أهوائهم وتأويلها لهم، ولولا ذلك لما سكت العالمون بكونها بدعًا ومنكرات عليها؛ إنهم إنما سكتوا بالثمن {اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} ١، وهم مع ذلك يظهرون التعجب من جحود أهل الكتاب للنبي والقرآن، وما كانوا أشد منهم جحودًا، ولا أقوى جمودًا!

هذا إيماء إلى اتباع العلماء أهواء العامة بعد ما جاءهم من العلم، وما نزل عليهم في الكتاب من الوعيد عليه، ولو شرح شارح اتباعهم لأهواء السلاطين والأمراء والوجهاء والأغنياء، وكيف يفتونهم ويؤلفون الكتب لهم، ويخترعون الأحكام والحيل الشرعية لأجلهم، وكيف حرموا على الأمة العمل بالكتاب والسنة، وألزموها كتبهم -لظهر لقارئ الشرح كيف أضاع هؤلاء الناس دينهم؛ فسلط الله عليهم مَن لم يكن له عليهم سبيل"٢.

وفي تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} ٣ يتحدث الأستاذ عبد القادر المغربي عن نشأة الوثنية، ثم يقول: "مَن تأمل ما قلناه في مناشئ ظهور الوثنية في البشر، فهم السر في كون الدين الإسلامي يحرم إقامة الصور ونصب التماثيل وتشييد القبور وتجصيصها على رمم العظماء، وفي حديث علي -رضي الله عنه-: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي: "لا تدع صنمًا إلا طمسته ولا قبرًا إلا سويته" ٤، فإن الوثنيين كانوا يتخذون من مواثل القبور والأصنام ذكرى لرجالهم الصالحين، وليست ذكراهم لهم ذكرى عظة واعتبار؛ وإنما هي ذكرى استمداد أسرار واقتباس أنوار واستغراق واستحضار واسترزاق واستمطار والتماس منافع واستكفاء أضرار؛


١ سورة التوبة: من الآية ٩.
٢ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٢ ص١٩.
٣ سورة نوح: الآية ٢٣.
٤ رواه أحمد ومسلم وأبو داود؛ ولكن بلفظ: "ألا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته".

<<  <  ج: ص:  >  >>