للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نال التأويل منها نيله في الزمن الماضي، وأعرض جماهير المسلمين عنها في الزمن الحاضر؛ حتى كثر التاركون الغافلون والمارقون، وقل عدد المصلين الساهين، وندر المصلون المحافظون؛ ذلك أن الإسلام عند هؤلاء المسلمين الذين يصفون أنفسهم بالمتمدنين قد خرج عن كونه عقيدة دينية إلى كونه جنسية سياسية، آية الاستمساك به والمحافظ عليه والدفاع عنه مدح كبراء حكامه، وإن كانوا لا يقيمون حدوده، ولا ينفذون أحكامه؛ بل رفعوا أنفسهم إلى مرتبة التشريع العام، واستبدال القوانين الوضعية بما نزل الله من الأحكام.

ماذا كان من أثر ترك الصلاة والتهاون بالدين في المدن والقرى والمزارع؟ كان من أثره في المدن فشو الفواحش والمنكرات، تجد حانات الخمر ومواخير الفجور والرقص وبيوت القمار غاصة بخاصة الناس وعامتهم، حتى في ليالي رمضان ليالي الذكر والقرآن، وعَبَدَ الناس المال، لا يبالون أجاء من حرام أم من حلال، وانقبضت الأيدي عن أعمال الخير، وانبسطت في أفعال الشر، وزال التعاطف والتراحم، وقلت الثقة من أفراد الأمة بعضهم ببعض؛ فلا يكاد يثق المسلم إلا بالأجنبي، وغير ذلك من فساد الأخلاق وقبح الفعال في الأفراد، وأكبر من ذلك انحلال الروابط الملية؛ بل تقطع أكثرها.

المحافظ على هذه الصلاة الفضلى ينتهي عن الفحشاء والمنكر.

المحافظ على هذه الصلاة لا يمنع الماعون.

المحافظ على هذه الصلاة لا يخلف ولا يلوي في حق غيره عليه.

المحافظ على هذه الصلاة لا يضيع حقوق أهله وعياله، ولا حقوق أقاربه وجيرانه، ولا حقوق معامليه وإخوانه.

المحافظ على هذه الصلاة يُعظِّم الحق وأهله، ويحتقر الباطل وجنده.

المحافظ على هذه الصلاة لا تجزعه النوائب، ولا تفل غرار عزمه المصائب، ولا تبطره النعم، ولا تقطع رجاءه النقم"١.

ويحث الإمام محمد عبده على خُلُق الصبر في تفسير قوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا


١ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٢ ص٤٤٠-٤٤٣، بتلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>