للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ١، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ٢. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" ٣ يعني السنة٤.

وقال -أيضا- الإمام الشافعي رحمه الله: "وسنن رسول الله مع كتاب الله وجهان: أحدهما نص كتاب فاتبعه رسول الله كما أنزل الله والآخر جملة بين رسول الله فيه عن الله معنى ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عاما أو خاصا, وكيف أراد أن يأتي به العباد, وكلاهما اتبع فيه كتاب الله"٥.

وقال الطبري, رحمه الله تعالى: "إن مما أنزل الله من القرآن على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك تأويل جميع ما فيه من وجوه أمره: واجبه وندبه، وإرشاده، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده ومبالغ فرائضه ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض وما أشبه ذلك من أحكام آيه التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته, وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأويله بنص منه عليه, أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله"٦.

وقال الإمام الشاطبي, رحمه الله تعالى: "إن السنة توضح المجمل وتقيد المطلق وتخصص العموم, فتخرج كثيرا من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة, وتعلم بذلك أن بيان السنة هو مراد الله تعالى من تلك الصيغ, فإذا طرحت واتبع ظاهر الصيغ بمجرد الهوى صار صاحب هذا النظر ضالا في نظره


١ سورة النحل: من الآية ٤٤.
٢ سورة النحل: من الآية ٦٤.
٣ رواه أحمد ج٤ ص١٣١؛ وأبو داود في السنة وسنده صحيح ج٤ ص٢٠٠.
٤ مجموع الفتاوى ج١٣ ص٣٦٣- ٣٦٤.
٥ الرسالة, للإمام الشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر ص٩١.
٦ تفسير الطبري، تحقيق محمود شاكر ج١ ص٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>