للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاهلا بالكتاب خابطا في عمياء لا يهتدي إلى الصواب فيها، إذ ليس للعقول من إدراك المنافع والمضار في التصرفات الدنيوية إلا النزر اليسير وهي في الأخروية أبعد على الجملة والتفصيل"١.

هذا بعض ما قاله علماء السنة في تفسير القرآن بالسنة, ومنه يعرف منزلة هذا النوع من التفسير، بل إنهم لا يقبلون سواه إذا صح عندهم. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ومما ينبغي أن يعلم أن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة, فإنه قد عرف تفسيره"٢، وقال أيضا: "ولم يكن السلف يقبلون معارضة الآية إلا بآية أخرى تفسرها أو تنسخها أو بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تفسرها, فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين القرآن وتدل عليه وتعبر عنه"٢.

ثالثا: تفسير القرآن بأقوال الصحابة:

فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها كمعرفة أوضاع اللغة وأسرارها، ومعرفة عادات العرب وقت نزول القرآن, ومعرفة عادات اليهود والنصارى حينذاك, وقوة الفهم وسعة الإدراك ومعرفة أسباب النزول وما أحاط بآيات القرآن من أحداث وقت نزولها؛ لذا ولغيره تبوأ تفسيرهم هذه المنزلة من القبول عند علماء أهل السنة والجماعة لا سيما علماء الصحابة وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين كابن مسعود وابن عباس.

رابعا: اعتبار أقوال التابعين:

لأنهم تلقفوا علم الصحابة ووعوه ودارسوهم القرآن الكريم وسألوهم عنه كما قال مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته, أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها, وقال قتادة: ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئا.


١ الموافقات: الشاطبي ج٤ ص٢١.
٢ مجموع فتاوى ابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد ج١٣ ص٢٧-٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>