للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلت: اعتبار أقوال التابعين؛ لأن بعض علماء أهل السنة والجماعة اعتبر أقوالهم حجة ملزمة وبعضهم لم يعتبرها كذلك إلا أنه يأخذ بها ويميزها عن أقوال من جاء بعدهم.

خامسا: تفسير القرآن بعموم لغة العرب:

لأن القرآن الكريم نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} ١، ويتوقف فهمه على شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، والمعاني تختلف باختلاف إعرابها، ومن هنا مست الحاجة إلى اعتبار علم النحو والتصريف الذي تعرف به الأبنية والكلمة المبهمة يتضح معناها بمصادرها ومشتقاتها٢ ونقل عن بعض علماء السلف تأكيد مثل هذا فقال مجاهد: "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب"٣، وروى البيهقي في شعب الإيمان عن مالك بن أنس قال: "لا أوتى برجل غير عالم بلغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا"٤، بل قال الشاطبي: "كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي فليس من علوم القرآن في شيء, لا مما يستفاد منه ولا مما يستفاد به, ومن ادعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل"٥.

سادسا: التحذير من التفسير بالرأي المجرد:

وأهل السنة حين جعلوا هذه الدرجات الخمس السابقة للتفسير حسب ترتيبها السالف, حذروا بعد هذا من التفسير بمجرد الرأي لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ٦، وقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ٧، وقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ٨. فأضاف البيان


١ سورة الشعراء: من الآية ٥٩.
٢ مباحث في علوم القرآن: مناع القطان ص٣٣١.
٣ الإتقان: السيوطي ج٢ ص١٨٠.
٤ البرهان في علوم القرآن: الزركشي ج٢ ص١٦٠.
٥ الموافقات: الشاطبي ج٣ ص٣٩١.
٦ سورة الإسراء: من الآية ٣٦.
٧ سورة البقرة: من الآية ١٦٩.
٨ سورة النحل: من الآية ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>