للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه وعليه حملوا قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"، رواه البيهقي من طرق من حديث ابن عباس، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من تكلم في القرآن برأيه فأصاب, فقد أخطأ" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال: غريب من حديث ابن جندب, وقال البيهقي في "شعب الإيمان": هذا إن صح, فإنما أراد -والله أعلم- الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه, فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل, وكذلك لا يجوز تفسير القرآن به١.

ولهذا تحرج بعض الصحابة -رضي الله عنهم- من نحو هذا, فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أي سماء تظلني, وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم! وغير ذلك كثير, حكى ابن تيمية -رحمه الله تعالى- طائفة منها ثم قال: "فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به, فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ولا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه, وسكتوا عما جهلوه, وهذا هو الواجب على كل أحد"٢.

سابعا: العبرة بعموم اللفظ, لا بخصوص السبب:

والشمول متفرع من الشمول في الرسالة الإسلامية, فهي عامة لكل الناس, قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} ٣، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} ٤. وما دامت الشريعة الإسلامية ليست لطائفة دون أخرى، بل هي للناس كافة في كل زمان ومكان, فلا عجب أن يكون كتابها القرآن الكريم شاملا وعاما: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} ٥، {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا


١ البرهان: بدر الدين الزركشي ج٢ ص١٦١-١٦٢.
٢ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج١٣ ص٣٧٤.
٣ سورة الأعراف: من الآية ١٥٨.
٤ سورة سبأ: من الآية ٢٨.
٥ سورة يوسف: الآية ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>