للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ١.

لهذا بنى أهل السنة قاعدة ساروا عليها في تناول آيات القرآن بشمول آيات القرآن الكريم ومنع اختصاصها بسبب نزولها.

قال ابن تيمية, رحمه الله تعالى: "قولهم: إن هذه الآية نزلت في فلان وفلان, لا يريدون به أنها آية مختصة به كآية اللعان وآية القذف وآية المحاربة ونحو ذلك لا يقول مسلم: إنها مختصة بمن كان نزولها بسببه ... " ثم قال: "فلا يقول مسلم: إن آية الظهار لم يدخل فيها إلا أوس بن الصامت, وآية اللعان لم يدخل فيها إلا عاصم بن عدي أو هلال بن أمية وإن ذم الكفار لم يدخل فيه إلا كفار قريش, ونحو ذلك مما لا يقوله مسلم ولا عاقل.

فإن محمدا -صلى الله عليه وسلم- قد عرف بالاضطرار من دينه, أنه مبعوث إلى جميع الإنس والجن والله تعالى خاطب بالقرآن جميع الثقلين"٢.

حتى ما خوطب به النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنهم شملوا به أمته ما لم يقم دليل على التخصيص, وجعلوا هذا هو الأصل في الخطاب فقال ابن تيمية: "إن الأصل فيما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به ونهي عنه وأبيح له سارٍ في حق أمته كمشاركة أمته له في الأحكام وغيرها حتى يقوم دليل التخصيص فما ثبت في حقه من الأحكام ثبت في حق الأمة إذا لم يخصص, هذا مذهب السلف والفقهاء"٣.

وقال أيضا: "إن قصر عمومات القرآن على أسباب نزولها باطل"٤، وهذا ما عبر عنه علماء السلف بالقاعدة الشرعية: "العبرة بعموم اللفظ, لا بخصوص السبب".


١ سورة الأنعام: الآية ١٩.
٢ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج١٦ ص١٤٨.
٣ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج١٥ ص٨٢.
٤ المرجع السابق ج١٥ ص٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>