للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيوعية والرأسمالية، وبيَّنوا أن منهج الإسلام هو منهج السلام.

"والحق أن الإسلام هو الدين الوسط الجامع بين مصالح الرُّوح والجسد للسيادة في الدنيا والسعادة في الآخرة، فهو وسط بين اليهودية المالية الدنيوية والنصرانية الروحية الزهدية، وأن من مقاصده الإصلاحية في الاجتماع البشري هداية الناس إلى العدل والفضل في أمر المال؛ ليكتفي الناس شر طغيان الأغنياء وذلة الفقراء، ونصوص القرآن والسنة في هذا هي الغاية القصوى في الإصلاح، وهي هادمة لمزاعم هؤلاء المفتاتين على الإسلام بالجهل والهوى.

غلا عباد المال من اليهود والإفرنج في جمعه واستغلاله واستعباد الألوف وألوف الألوف من العمال الفقراء به بجعله دولة بينهم، وغلا خصومهم من الاشتراكيين في مقاومتهم ومحاولة جعل الناس فيه شرعًا وجعله بينهم حقًّا شائعًا، فانتهى هذا الغلو بالشيوعية الروسية في عصرنا أن استعبدت أكثر من مائة ألف من البشر، تسخرهم في تنفيذ مذهبها كالأنعام والدواب.

ولا منقذ للأمم من هذه الفتنة وعواقبها إلا بدين الإسلام -أعني: بالتدين به والعمل بأحكامه المالية وغيرها- ولا يمكن التزامها بالعمل إلا بإذعان الدين، وقد بدأ عقلاء الإفرنج يشعرون بالحاجة إلى دين معقول يصلح بالتزامه فساد هذه المدينة المادية، ولن يجدوا حاجتهم إلا في دين القرآن وسنة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام، وأخشى ألا يهتدوا إليه إلا بعد البطشة الكبرى والطامة العظمى؛ وهي حرب التدمير المنتظرة من تنازع البلشفية والرأسمالية، وإنني أذكر هنا أهم أصول الإصلاح الإسلامي في المسألة المالية التي تبتدر فكري وتبدهه فأقول ... "١.

ثم ذكر السيد رشيد رضا ما يراه من الأصول الإسلامية لإصلاح المسألة المالية، فعد منها إقرار الملكية الشخصية، وتحريم أكل أموال الناس بالباطل، وتحريم الربا والقمار، ومنع جعل المال دولة بين الأغنياء، والحجر على السفهاء في أموالهم حتى لا يضيعوها، وفرض الزكاة، وفرض نفقة الزوجية والقرابة وإيجاب


١ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١١ ص٢٩-٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>