للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور تقع من أناس كثيرين في كل زمان، والمنقول منها عن صوفية الهنود المسلمين أكثر من المنقول عن العهدين العتيق والجديد وعن مناقب القديسين، وهي من منفرات العلماء عن الدين في هذا العصر"١.

ثم انظر حتى يتضح لك مذهبه إلى قوله: "وقد كان أكثر مَن آمن بتلك الآيات إنما خضعت أعناقهم واستخذت أنفسهم لما لا يعقلون له سببًا "!! " وقد انطوت الفطرة على أن كل ما لا يُعرف له سبب فالآتي به مظهر للخالق سبحانه، إن لم يكن هو الخالق نفسه، وكان أضعاف أضعافهم يخضع مثل هذا الخضوع نفسه للسحرة والمشعوذين والدجالين، ولا يزالون كذلك"٢.

وخذ عبارة أوضح في زعمه أن العقل لا يخضع للمعجزات، قال: "وإن الله تعالى جعل نبوة محمد ورسالته قائمة على قواعد العلم والعقل في ثبوتها وفي موضوعها؛ لأن البشر قد بدءوا يدخلون في سن الرشد والاستقلال النوعي الذي لا يخضع عقل صاحبه فيه لاتباع مَن تصدر عنهم أمور عجيبة مخالفة للنظام المألوف في سنن الكون؛ بل لا يكمل ارتقاؤهم واستعداداهم بذلك؛ بل هو من موانعه"٣.

وحتى نجلو حقيقة رأيه، فهو يجيز وقوع المعجزة عقلًا، ويجب الإيمان بها على ظاهرها٤؛ ولكنها خاصة بما قبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، أما في عصره عليه الصلاة والسلام "فانتهى بذلك زمن المعجزات، ودخل الإنسان بدين الإسلام في سن الرشد؛ فلم تعد مدهشات الخوارق هي الجاذبة له إلى الإيمان، وتقويم ما يعرض للفطرة من الميل عن الاعتدال في الفكر والأخلاق والأعمال، كما كان في سن الطفولية "النوعية"؛ بل أرشده الله تعالى بالوحي الأخير "القرآن" إلى استعمال عقله في تحصيل الإيمان بالله وبالوحي"٤.


١ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١١ ص١٥٥، والوحي المحمدي له ص٦٢.
٢ المرجع السابق: ج١١ ص١٦٠؛ والوحي المحمدي له ص٧١.
٣ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١١ ص١٥٩، والوحي المحمدي له ص٦٩.
٤ المرجع السابق: ج١ ص٣١٤، ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>