وهذا هو الأصل في اليتم لغة، ثم قيل لكل منفرد:"يتيم ومنه الدرة اليتيمة أي المنفردة".
ثم بعد أن ساقت الدكتورة هذه الأقوال للمفسرين قالت:"ونحتكم إلى القرآن، فنراه استعمل اليتيم، مفردًا ومثنى وجمعًا ثلاثا وعشرين مرة كلها بمعنى اليتم الذي هو فقدان الأب ويلحظ فيه اقتران اليتم بالمسكنة في عشرة مواضع:
كما ذكر فيه من آثار اليتم: الجور، وأكل المال:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}[النساء: ١٠] ، ومعها الأنعام: ١٥٢، والإسراء: ٣٤، والنساء: ٢، ٦. وعدم الإكرام:{كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ، وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}[الفجر: ١٧، ١٨] .
والدع: الذي هو الدفع العنيف مع جفوة: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}[الماعون: ١-٣] . والقهر، في آية الضحى: ٩.
ثم قالت الدكتورة عائشة بعد هذا: "وأمام هذا التتبع لا نملك إلا أن نستبعد تفسير اليتم بغير ذاك الذي في القرآن وقد ولد محمد يتيما، ثم تضاعف يتمه بموت أمه وجده، لكنه تعالى نجاه من آثار اليتم التي هي: بشواهد من آيات الكتاب الكريم: الدع، والقهر، والانكسار، والجور، مما كان مظنة أن يكسر نفسه، فلا يتطلع إلى بعيد الآفاق، فذلك هو قوله تعالى:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} ، ترشيحا بهذا الإيواء الإلهي -غير المقيد بمتعلق- إلى ما بعده من نعمة الهداية بعد حيرة، وتهيئة لحمل الرسالة الكبرى"١.