للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحديث لغة بسبب شيوعها وكثرة استعمالها (١). وقد يكون التعبير بـ «أَخْبَرَنَا» أوسع وأشمل من التلفظ بغيرها، فَنُعَيْمٌ بْنُ حَمَّادٍ (٢) يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ (٣) يَقُولُ قَطُّ: (حَدَّثَنَا)، كَأَنَّهُ يَرَى (أَخْبَرَنَا) أَوْسَعَ!» (٤).

وإذ تساوت هذه العبارات جميعًا في إفادة التحديث والسماع، فلا ضير أن يقول القاضي عياض (٥) يقول علماء اللغة، فيرى أن لا خلاف - عندما يكون السماع من لفظ المسمع أو من كتاب - أن يقول السامع: (حَدَّثَنَا) و (أَخْبَرَنَا) و (قَالَ لَنَا) و (ذَكَرَ لَنَا فُلاَنٌ) (٦).

غير أن نُقَّادَ الحديث يفضلون دفع كل لُبْسٍ وإبهام، فيقولون: ينبغي أن يُبَيِّنَ السماع كيف كان، فما سُمِعَ من لفظ المُتَحَدِّثِ قيل فيه (حَدَّثَنَا)، وما قُرِئَ عليه قال الراوي فيه: (قَرَأْتُ) إن كان سمعه بقراءته، ويقول فيما سمعه بقراءة غيره (قُرِئَ وَأَنَا أَسْمَعُ) (٧).

والأكثرون على تقديم لفظ (سَمِعْتُ) على الألفاظ الباقية، إذ لا يكاد


(١) " الكفاية ": ص ٢٨٤.
(٢) هو نُعَيْمٌ بْنُ حَمَّادٍ بن معاوية بن [الحارث]، الخُزاعي المروزي أبو عبد الله نزيل مصر، أول من جمع المسند. توفي محبوسًا بسامرا سَنَةَ ٢٢٨ هـ " الرسالة المستطرفة ": ص ٣٧.
(٣) هو الإمام الكبير عبد الله بن المبارك، أبو عبد الرحمن، تُوُفِّيَ سَنَةَ ١٨١ هـ.
(٤) " الكفاية ": ص ٢٨٥.
(٥) هو العالم الثقة الكبير. القاضي عياض بن موسى صاحب " الشفا في شمائل المصطفى " و " الإلماع في أصول السماع " ومنه نسخة في الظاهرية. حديث ٤٠٦. تُوُفِّيَ سَنَةَ ٥٤٤ هـ.
(٦) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٢٢.
(٧) " الجامع لأخلاق الراوي ": ٦/ ١١٢ وجه ١. وقد عقد الخطيب لذلك فصلاً في " الكفاية ": ص ٢٩٩ - ٢٠١.