للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المعروف في لسان العرب أن قول الراوي: حَدَّثَنَا فلان أو أخبرنا أو أنبأنا أو ذكر لنا أو قال لنا تفيد معنى التحديث، فهي عند علماء اللغة تساوي قول الراوي: «سَمِعْتُ فُلاَنًا قَالَ: سَمِعْتُ فُلاَنًا». وأوشك كثير من المُحَدِّثِينَ أن يجروا على طريقة علماء اللغة في اصطلاحاتهم، حتى لم يُفَرِّقُوا بين العبارات المذكورة، وراح كل يستخدم إحدى هذه العبارات على سواء، وروي عن كثير من المتقدمين أنهم كانوا «يقولون في غالب حديثهم الذي يَرْوُونَهُ (أَخْبَرَنَا) وَلاَ يَكَادُونَ يَقُولُونَ: (حَدَّثَنَا)» (١). وقال رجل للإمام أحمد: يا أبا عبد الله، إن عبد الرزاق (٢) ما كان يقول: (حَدَّثَنَا)، كان يقول: (أَخْبَرَنَا)، فقال أحمد بن حنبل: «حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَاحِدٌ» (٣). وقد يكون إيثار هؤلاء المتقدمين (أَخْبَرَنَا) على الألفاظ الأخرى التي تفيد


(١) " الجامع لأخلاق الراوي ": ٦/ ١١٢ وجه ١. وفي هذه الصفحة يذكر الخطيب من هؤلاء التقدمين الذين لا يفرقون بين «حَدَّثَنَا» و «أَخْبَرَنَا» ويقولون: الثانية دون الأولى: حماد بن سلمة، وَهُشَيْمٌ بن بشير، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرزاق بن همام، ويزيد بن هارون، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وإسحاق بن راهويه، وعمر بن عوف، وأبا مسعود أحمد بن الفرات، ومحمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس. وقارن بـ " الكفاية ": ص ٢٨٤، ٢٨٥.
(٢) هو العالم الفقيه الكبير عبد الرزاق بن همام بن نافع، المُتَوَفَّى سَنَةَ ٢١١ هـ.
(٣) " الكفاية ": ص ٢٨٦. ويظهر أن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أدخلا عبارة «حَدَّثَنَا» وطلبا من أهل العلم أن يستعملوها في رواياتهم وإن كانا يقولان بِتَسَاوِي جميع هذه العبارات في إفادة التحديث والسماع. قال محمد بن رافع: «كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَقُولُ «أَخْبَرَنَا» حَتَّى قَدِمَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فَقَالاَ لَهُ: قُلْ " حَدَّثَنَا ". فَكُلُّ مَا سَمِعْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ قَالَ " حَدَّثَنَا "، وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ: " أَخْبَرَنَا "
». انظر " الكفاية ": ص ٢٨٦.