للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو اختيار الإمام فخر الدين (١)، والسيف الآمدي (٢). على أن بعض العلماء يُسَوِّي بين الشاهد والراوي، فالتعديل يثبت لكليهما بتعريف شخص واحد (٣). وقد انتصر القاضي أبو بكر (٤) لهذا الرأي. وواضح أن تزكية الشاهد ليست هي عين الشهادة، فلا بد من رجلين في الشهادة على جميع الأقوال، أما تزكية الشاهد فهي التي جرى حولها الخلاف ن هل يكفي لإثباتها شخص واحد أم لاَ بُدَّ من شخصين؟.

والمروءة التي ينبغي توافرها في الراوي المعدل كثيرًا ما قيست بالمقاييس الخلقية الإنسانية المشتركة. ويستشهد الخطيب البغدادي على ذلك بقول النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ، فَهُوَ مَنْ كَمُلَتْ مُرُوءَتُهُ، وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ، وَوَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ، وَحُرِّمَتْ غَيْبَتُهُ» (٥).

وفي ضوء هذه المقاييس، لم يكن بُدٌّ من غض النظر عن بعض العيوب


(١) هو الإمام فخر الدين الرازي، محمد بن عمر بن الحسين، أبو عبد الله، إمام كبير في المعقول والمنقول. صاحب " التفسير الكبير المشهور ". له كتب كثيرة منها " نهاية العقول " و " المحصول في علم الأصول " و " كتاب الأربعين في أصول الدين ". تُوُفِّيَ سَنَةَ ٦٠٦ هـ.
(٢) سيف الدين الآمدي: هو أبو الحسن، علي بن محمد بن سالم التغلبي الآمدي: من علماء الأصول. له نحو عشرين مُصَنَّفًا منها: " منتهى السول في [علم] الأصول " و " دقائق الحقائق " و " أبكار الأفكار " في علم الكلام. منسوب إلى آمد من «ديار بكر». تُوُفِّيَ سَنَةَ ٦٣١ هـ.
(٣) " توضيح الأفكار ": ٢/ ١٢١.
(٤) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، المشهور بالقاضي الباقلاني. انتهت إليه الرياسة في مذهب الأشاعرة. أشهر كتبه " إعجاز القرآن " تُوُفِّيَ سَنَةَ ٤٠٣ هـ.
(٥) " الكفاية ": ص ٧٨.