للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غرابته في المتن تارة، وفي الإسناد تارة أخرى (١).

وَيُسَمَّى «مَشْهُورًا» إذا اشتركت جماعة في روايته عن الشيخ الثقة (٢).

ومن غريب أمر المحدثين أن بعضهم اشترط، في تعريف الصحيح، أن يكون «عَزِيزًا» (٣)، وإليه يُومِئُ كلام الحاكم أبي عبد الله في " معرفة علوم الحديث " حيث قال: «وَصِفَةُ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابِيُّ زَائِلٌ عَنْهُ اسْمُ الجَهَالَةِ وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ تَابِعِيَّانِ [عَدْلاَنِ]، ثُمَّ يَتَدَاوَلُهُ أَهْلُ الحَدِيثِ بِالْقَبُولِ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ» (٤).

ولا حاجة إلى هذا الاصطلاح الخاص بعد الذي أوضحناه من تفرقة العلماء بين تعديل الراوي وتزكية الشاهد.

والإمام البخاري هو أول من صَنَّفَ في «الصَّحِيحِ المُجَرَّدِ» الذي يخلو من الإرسال والانقطاع والبلاغات. أما التعاليق التي أدخلها في " جامعه " فما أوردها إلا استئناسًا، واستشهادًا، فَذِكْرُهَا فِيهِ لا يخرجه عن كونه جَرَّدَ الصحيح (٥). ولا يعد الإمام مالك أول من صنف في الصحيح، لأنه لم يفرده بل أدخل فيه - تَبَعًا لِمَنْهَجِهِ - المراسيل والمقاطيع والبلاغات. ثم تلا البخاري تلميذه الإمام مسلم في تصنيف الصحيح (٦)، وتتابع التأليف بعد ذلك في الصحيح


(١) سيأتي تفصيل «الغَرِيبِ» في «القسم المشترك بين الصحيح والحسن والضعيف».
(٢) وسنزيد «المَشْهُورَ» تفصيلاً في «القسم المشترك» أيضًا.
(٣) وهو - كما سنرى - الحديث الذي لا يرويه أقل من اثنين، وَسُمِّيَ بذلك إما لقلة وجوده وإما لكونه عَزَّ: أي قوي بمجيئه من طريق أخرى (" شرح النخبة ": ص ٥).
(٤) " معرفة علوم الحديث ": ص ٦٢ وقارن بـ " شرح النخبة ": ص ٥.
(٥) " التدريب ": ص ٢٤، ٢٥.
(٦) " التدريب ": ص ٢٥.