للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَا القَوِيُّ» (١). ولا بد أن يسترعي انتباهنا قوله في ختام عبارته: «وَكَذَا القَوِيُّ» فهو يُسَوِّي بين «الجَوْدَةِ» وَ «القُوَّةِ»، فلا يتعذر علينا - قياسًا على هذا - أن نرى التساوي أوضح بين «التَّجْوِيدِ» وَ «الجَوْدَةِ» وَبَيْنَ «الثُّبُوتِ» وَ «القُوَّةِ»، فهي جميعًا صفات للحديث المقبول سواء أكان صحيحًا أم حسنًا.

وفي تعريف كل من الحسن والصحيح نبهنا على سلامتها من الشذوذ، فلا يكون أحدهما شَاذًّا ولا منكرًا، وإنما يوصفان بِنَقِيضَيْهِمَا وهما المحفوظ والمعروف. قال ابن حجر: «وَزِيَادَةُ رَاوِي الصَّحِيحِ وَالحَسَنِ مَقْبُولَةٌ، مَا لَمْ تَقعْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ، فإِنْ خُولِفَ بِأَرْجَحَ فَالرَّاجِحُ الْمَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ الشَّاذُّ، وَمَعَ الضَّعْفِ فالرَّاجِحُ المَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ الْمُنْكَرُ» (٢).

أما وصف كل من الصحيح والحسن بـ «الصَّالِحِ» فواضح في نفسه، لأن المراد صلاحيتهما للاحتجاج (٣). وعلى هذا يقول المُحَدِّثُونَ في " سنن أبي داود ": إن أحاديثه صالحة، لأنها تشمل الصحيح والحسن.

وإذا قالوا: «هَذَا حَدِيثٌ مُسْتَحْسَنٌ» (٤)، فذلك لا يعين أنه «حَسَنٌ» بالمعنى الاصطلاحي الذي أوضحناه، بل يحتمل الصحة كالحسن، فليس الحسن إلا الجودة، ولا الاستحسان إلا الاستجادة. وما كان أيسر هذه التعابير ومشتقاتها على المُحَدِّثِينَ وما كان أدق حسهم عند تمييزها مما يشبهها على أَلْسِنَةِ


(١) نفسه: ص ٥٨.
(٢) " شرح النخبة ": ص ١٢ - ١٤. وقارن بـ " ألفية السيوطي " ص ٩٣ هامش.
(٣) وربما استعمل في ضعيف يصلح للاعتبار. (انظر " التدريب ": ص ٥٨).
(٤) " الجامع ": ٧/ ١٣٥ وجه ١ و ٢.