للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسناد، كما روي عن حماد بن عمرو النَّصِيبِي الكذاب (١) عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: «إِذَا لَقِيتُمُ المُشْرِكِينَ فِي الطَّرِيقِ، فَلاَ تَبْدَؤُوهُمْ بِالسَّلاَمِ»: فقد قلب حماد هذا الحديث، فجعله عن الأعمش، وإنما هو معروف عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (٢).

وكان كثير من أهل الحديث يمتحنون الرواة بقلب الأحاديث وإدخالها عليهم (٣)، ليعرفوا مدى قبولهم للتلقين (٤)، غير قاصدين إلى الوضع، ولا معتقدين أن ما قلبوه استقر حديثًا (٥). روى الخطيب من طريق أحمد بن منصور الروباذي قال: خرجت مع أحمد ويحيى بن معين إلى عبد الرزاق، فلما عدنا إلى الكوفة قال يحيى بن معين لأحمد بن حنبل: «أُرِيدُ أَنْ أَمْتَحِنَ أَبَا نُعَيْمٍ»، فنهاه أحمد، فلم ينته، فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثًا من حديث أبي نعيم، وجعل على كل عشرة أحاديث حَدِيثًا ليس من حديثه، ثم أتينا أبا نعيم، فخرج إلينا فجلس على دكان حذاء بابه وأقعد أحمد عن يمينه ويحيى عن يساره، وجلست أسفل، فقرأ عليه يحيى عشرة أحاديث وهو ساكت، ثم الحادي عشر. فقال أبو نعيم: «لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِي، فَاضْرِبْ»،


(١) قال فيه البخاري: «مُنْكَرُ الحَدِيثِ». وقال النسائي: «مَتْرُوكٌ». وقال الجوزقاني: «كَانَ يَكْذِبُ». وقال ابن حبان: «كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ وَضْعًا» (ذكره في " الميزان "). وقارن بـ " التوضيح ": ٢/ ١٠١.
(٢) وبهذا الإسناد الأخير رواه مسلم في " صحيحه " من رواية شعبة والثوري وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن محمد الدراوردي كلهم عن سهيل. وقارن بـ " التوضيح ": ٢/ ١٠١.
(٣) " الجامع ": ١/ ١٧.
(٤) " التوضيح ":٢/ ١٠٢.
(٥) " التدريب ": ص ١٠٧.»»