للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقْصَدُ بِالْمَوْقُوفِ «مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابِيِّ مِنْ قَوْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ أَوْ فِعْلٍ، كأن يقول الراوي: قال عمر بن الخطاب كذا، أو فعل علي بن أبي طالب كذا، أو فُعِلَ كيت وكيت أمام أبي بكر فأقره ولم ينكره.

فالقول أو الفعل أو التقرير الذي يفترض أن يكون صادرًا عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفسه، يصدر في " الموقوف " عن الصحابي. ومن هنا اتجه تفكير بعض العلماء إلى ضعف " الموقوف " (١) لأن للحديث المروي عن رسول الله المنتهي إليه قداسة ليست لحديث سواه ولو كان صحابيًا جليلاً. على أننا لا نجد مسوغًا لإضعاف الموقوف «إِطْلاَقًا» بهذا السبب، لأننا حين نحكم له بالصحة أو الحسن إذا توافرت فيه شروط أحدهما نعلم يقينًا أننا نصحح أو نحسن حديث الصحابي لا حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم نكذب - والحال هذه - عليه - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - لا ساهين ولا متعمدين، ولم نضع في فيه ما لم يتلفظ به. ووصفنا «لِلْمَوْقُوفِ» بالصحة أو الحسن لا يعني وجوب عملنا به، وإنما نبيح لأنفسنا العمل بما ثبت منه أنه لا مجال للرأي والاجتهاد فيه (٢)، لأن الصحابي في مثل ذلك لا يقول ولا يفعل ولا يقر إلا ما تحققه بنفسه عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعلى ذلك فقول الصحابي الجليل عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (٣)، وقوله لمن خرج من المسجد والمؤذن يؤذن: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ


(١) ولذلك عده القاسمي في الأنواع المختصة بالضعيف. وكذلك فعل بالمقطوع. انظر " قواعد التحديث ": ص ١١١. وقارن بـ ص ١٠ من كتابنا هذا.
(٢) " شرح النخبة ": ص ٢٦.
(٣) " التوضيح ": ١/ ٢٦٢.