للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (١)، كلاهما حديث موقوف، وكلاهما مما يجوز لنا العمل به، وعلينا - مع ذلك - أن نتحفظ في الأحاديث الموقوفة على كعب الأحبار، وابن سلام، وابن عمرو بن العاص، لأنهم من الصحابة الذين اشتهروا برواية الإسرائيليات والأقاصيص، ولا سيما ما يتعلق منها بأشراط الساعة وفتن آخر الزمان. وأغلب الأحاديث التي تشتمل على مثل هذه الأخبار ضعيفة، إن لم نقل موضوعة، لكن ضعفها ليس ناشئًا عن وقفها، أو بعبارة أخرى لم تكن ضعيفة لأنها موقوفة، بل نشأ ضعفها عن شذوذ أو علة أو اضطراب فيها، وإلا فهي قابلة كالأحاديث المرفوعة إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن توصف بالصحة أو الحسن أو الضعف، تَبَعًا لحال أسانيدها ومتونها.

وإذا قال الراوي عن الصحابي «يَرْفَعُ الحَدِيثَ» أو «يَنْمِيهِ» أو «يَبْلُغُ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فهو عند أهل الحديث من قبيل المرفوع الصريح في الرفع (٢). بيد أن إطلاق بعضهم أن تفسير الصحابة له حكم المرفوع إطلاق غير جيد، لأن الصحابة اجتهدوا قي تفسير القرآن. واختلفوا في بعض المسائل والفروع، كما رأينا بعضهم يروي الإسرائيليات عن أهل الكتاب (٣).

أما الحديث «المقطوع» فهو ما روي عن التابعين من قول أو فعل أو تقرير. وللإمام أبي حنيفة رأي مشهور فيه. فهو- على رغم إدراكه عددًا من الصحابة كأنس بن مالك وعبد الله بن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يقول


(١) نفسه: ١/ ٢٦٨.
(٢) " اختصار علوم الحديث ": ص ٥٠.
(٣) " الباعث الحثيث ": ص ٥٠.