للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهنم مع مقت الله وغضبه لترك مندوب أو فعل مكروه. وكان القُصَّاصُ مولعين بوضع أخبار من هذا النوع يستميلون بها قلوب العوام إليهم (١).

القادعة الخامسة: أن يكون واضع الخبر مشهورًا بالكذب، رقيق الدين لا يتورع عن اختلاق الأحاديث والأسانيد انتصارًا لهوى شخصي (٢).

وَقِيلَ لِمَأْمُونِ بْنِ أَحْمَدَ الهَرَوِيِّ: أَلاَ تَرَى إِلَى الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُ بِخُرَاسَانَ؟!، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْدَانَ الأَزْدِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ، وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي!!» (٣)، وأغرب من ذلك ما أسنده الحاكم عن سَيْفِ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، فَجَاءَ ابْنُهُ مِنَ الكُتَّابِ يَبْكِي، فَقَالَ: " مَالَكَ؟ " قَالَ: " ضَرَبَنِي المُعَلِّمُ " فَقَالَ: " لأُخْزِيَنَّهُمُ اليَوْمَ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ، أَقَلُّهُمْ رَحْمَةً لِلْيَتِيمِ وَأَغْلَظُهُمْ عَلَى المِسْكِينِ!» (٤).

وقد بدأ ظهور الوضع في سنة إحدى وأربعين بعد الهجرة، على عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ -، حين تنازع المسلمون شِيَعًا وَأَحْزَابًا، وانقسموا سياسيًا إلى جمهور وخوارج وشيعة، «وَرَكِبُوا- كَمَا قَالَ ابْنُ


(١) " التدريب ": ص ٩٩.
(٢) " شرح النخبة ": ص ٢٠.
(٣) " لسان الميزان ": ٥/ ٧، ٨، وقارن بـ " التدريب ": ص ١٠٠ و" لقط الدرر ": ص ٨٤.
(٤) " التدريب ": ص ١٠٠. وسعد بن طريف هذا قال فيه ابن حبان: «كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ». قال فيه يحيى بن معين: «لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ»، أما راوي القصة عنه، سيف بن عمر فقال فيه الحاكم: «اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ، وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ سَاقِطٌ» (وقارن بـ " الباعث الحثيث ": ص ٨٩).