للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه لأن للموضوع المختلق ظلمة كظلمة الليل، تنكره البصيرة النيرة (١).

وكثير من مباحث هذا القسم المشترك يتناول المتون بالدرجة الأولى، وإن كانت له صور في الأسانيد، كالمدرج مثلاً، فان مدرج الإسناد يرجع في الحقيقة إلى المتن، وكالمصحف أيضًا فإنه أكثر ما يقع في المتون، وكالمسلسل بعد هذا كله فإن أشد شيء إثارة للريبة فيه تماثل العبارات في متونه، وإن كانت صورته الظاهرية ترتد إلى هذا التماثل على ألسنة الرواة، أو بعبارة أخرى إلى سلسلة الإسناد،. ولذلك يقولون: هذا باطل مَتْنَا وَتَسَلْسُلاً، كأن سِرَّ بطلانه ليس مجرد تسلسله إطلاقًا بل تسلسل متنه بهذا الشكل النادر الفريد!.

ومصطلحا الفرد والغريب يخيل إلى الباحث أنهما ليسا أكثر من بحثين خالصين للإسناد، يجمعهما رابط مشترك هو التفرد كما رأينا، ولكن النظرة الفاحصة المدققة ترى القضية ألصق بالمتن منها بالسند، فكما أنكروا رواية الشواذ والمناكير أنكروا الولوع بالأفراد والغرائب، وفروا من حسن هذه الغرائب لمخالفتها متون الروايات العزيزة والمشهورة والمستفيضة.

أما هذه الروايات الثلاث الأخيرة فلم تكن غاية النقاد من مباحثها سوى تقوية الأحاديث الأفراد والغرائب بمتون تشهد لها وتتابعها، وليس تقويتها


(١) وتمييز المرفوع إلى النبي من الموضوع عليه المنسوب إليه جدًا حتى في اختلاق المواعظ ترغيبًا في الخير ودعوة إلى الفضيلة. وقد وافق الأستاذ أحمد خان بهادر في تصوير هذا الاستعداد الفطري للتمييز بين ما رفع إلى النبي وما نسب إليه. انظر بحثه بالإنكليزية في " قاموس الإسلام " «مادة حديث»:
Ahmed Khan Bahadur, Essay on Mohammedan Tradition, in Huges Dictionary of Islam, ٦٤٢ a.