للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلاطه بسواه فقال - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: «قيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ» (١)، وحفظ عنه - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - المنعُ من كتابة أحاديثه بوجه عام لأنَّ كلامه كان مُوجَّهاً إلى عامة أصحابه، وفيهم الثقة والأوثق، والصالح والأصلح، والضابط والأشد ضبطاً، والحافظ والأمتن حفظاً، وأذِنَ في الوقت نفسه لبعض أفرادهم إذناً خاصاً، لتظاهر الكتابة الحفظ إنْ كانوا ضابطين (٢) أو تساعدهم على زيادة


= الكتابة بقوله: «وحديث أبي سعيد: " حرصنا أنْ يأذن لنا النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الكتاب فأبى "، فأحسبه أنه كان محفوظاً في أول الهجرة، وحين كان لا يؤمَنُ الاشتغال به عن القرآن» " المحدث الفاصل: ٤ / ورقة ٦ وجه أول.

(١) " جامع بيان العلم " لابن عبد البر: ١/ ٧٢ و " تقييد العلم ": ٦٩ و " المحدث الفاصل " للرامهُرْمُزي، مخطوطة الظاهرية جـ ٤ ورقة ٢ وجه أول. غير أنَّ السيد رشيد رضا تكلم على الحديث «مجلة المنار: ١٠/ ٧٦٣ - ٧٦٦» فضعَّفَهُ من رواية عبد الحميد بن سليمان الخُزاعي لأنَّ الذهبي تكلَّم فيه، وضعَّفَهُ أَيْضًا من رواية عبد الله بن المؤمل، وفي هذا الأخير قال الإمام أحمد: «أحاديثه مناكير»، انظر " مجمع الزوائد ": ١/ ١٥٢.
وكلام السيد رشيد رضا يتناول الحديث، من هذين الطريقين، فلا يلزم منه تضعيف جميع الطرق الأخرى التي ورد بها كالطريق الذي تفرَّدَ به إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي ذئب عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ» - " تقييد العلم ": ص ٦٩.
وسنرى أنَّ هذا الحديث شاع كَثِيرًا على ألْسِنَةِ الصحابة حتى رواه بعض المُحَدِّثِينَ موقوفاً على عدد منهم، فهو في الأصل مرفوع إلى النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولكن تناقله بين الصحابة أوهم وقفه عليهم. ولذلك قال السيوطي في " التدريب ": ص ١٥٠: «قد رواه الحاكم وغيره من حديث أنس وغيره موقوفاً».
ومِمَّا يشبه أنْ يكون إذناً عاماً بالكتابة ما أورده الرامهرمزي في " المحدث الفاصل ": جـ ٤ ورقة ٣ وجه ١، والسيوطي في " تدريب الراوي " ص ١٥٠ عن رافع بن خديج أَنَهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ أَفَنَكْتُبُهَا؟ قال: «اكْتُبُوا وَلاَ حَرَجَ». وللسيد رشيد رضا رأي في تضعيف هذا الحديث (مجلة " المنار ": ١٠/ ٧٦٣).
(٢) كما سنرى في إذن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن عمرو بن العاص بالكتابة، فكانت ثمرة هذا الإذن النبوي «الصحيفة الصادقة». وسنتكلَّمُ عنها وعن ابن عمرو قريباً في موضوع أنسب. وقد لاحظ ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث " ص ٢٦٦ ط. مصر =