للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَفْتَحُهَا عَلَيَّ إِلاَّ رَجُلٌ بِبِرْكِ الغِمَادِ لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ» (١). والصحابي العليم جابر بن عبد الله (- ٧٨ هـ) ابتاع بَعِيرًا فَشَدَّ عليه رحله وسار شَهْرًا حتى قدم الشام ليسأل عبد الله بن أُنيْس عن حديث في القصاص (٢). وكانت الرحلة في حديث واحد مألوفة عند كثير من السلف، فعن سعيد بن المسيب (- ١٠٥ هـ): «إِنْ كُنْتُ لأَرْحَلُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِي فِي طَلَبِ الحَدِيثِ الوَاحِدِ» (٣)، وَعَنْ أَبِي قِلاَبَةَ (- نحو ١٠٤ هـ): «لَقَدْ أَقَمْتُ بِالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا مَا لِي حَاجَةً إِلاَّ رَجُلٌ عِنْدَهُ [حَدِيثٌ يَقْدَمُ]، فَأَسْمَعُهُ مِنْهُ» (٤). والرواية التالية عن مكحول: (- نحو ١١٢ هـ) تصلح مِثَالاً وَاضِحًا للرحلة في حديث واحد ربما لا يلقي إليه أحدنا بالاً، ونحسبه هَيِّنًا وهو عند الله عظيم. قَالَ مَكْحُولٌ: «كُنْتُ عَبْدًا بِمِصْرَ لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي هُذَيْلٍ فَأَعْتَقَتْنِي، فَمَا خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ وَبِهَا عِلْمٌ إِلاَّ حَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيمَا أُرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِجَازَ فَمَا خَرَجْتُ مِنْهَا وَبِهَا عِلْمٌ إِلاَّ حَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيمَا أُرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ الْعِرَاقَ فَمَا خَرَجْتُ مِنْهَا وَبِهَا عِلْمٌ إِلاَّ حَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيمَا أُرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّامَ فَغَرْبَلْتُهَا، كُلُّ ذَلِكَ أَسْأَلُ عَنِ النَّفَلِ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُنِي فِيهِ بِشَيْءٍ،


(١) " معجم البلدان " لياقوت: ١/ ٥٩٠. وبرك الغماد - بكسر الغين المعجمة، وقال ابن دُريد بضمها ن والكسر أشهر - هو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر (معجم البلدان: ١/ ٥٨٩).
(٢) " الجامع لأخلاق الراوي ": ٩ / ورقة ١٦٨ وجه ٢، وانظر ترجمة جابر بن عبد الله في " تذكرة الحفاظ ": ١/ ٤٣ رقم ٢١.
(٣) " الجامع لأخلاق الراوي ": ٩ / ورقة ١٦٩ وجه ١ وراجع ترجمة سعيد بن المسيب في " تذكرة الحفاظ ": ١/ ٥٤ رقم ٣٨.
(٤) " الجامع لأخلاق الراوي ": ٩ / ورقة ١٦٩ وجه ١ وأبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري.