للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الماء الدائم إذا أصابته نجاسة، «وكان يعقوب لا يُحَدِّثُ بهذا الحديث إلاَّ بدينار» (١). وأمر أبي نعيم الفضل بن دُكين أغرب من هذا فإنه إمام حافظ ثقة (٢)، ولكنه ضرب الرقم القياسي في الخبرة بالشؤون المالية، فهذا أحد تلاميذه علي بن جعفر بن خالد يقول: «كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ الْقُرَشِيِّ نَكْتُبُ عَنْهُ الحَدِيثَ، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنَّا الدَّرَاهِمَ الصِّحَاحَ، فَإِذَا كَانَ مَعَنَا دَرَاهِمُ مَكْسُورَةً يَأْخُذُ عَلَيْهَا صَرْفًا» (٣). ولذلك كان شُعبة بن الحجاج (٤) ينصح بأخذ الحديث من الغَنِيِّ المُوسِرِ لأنه يستغني عن الكذب فيقول لعليٍّ بن عاصم: «عَلَيْكَ بِعُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ فَإِنَّهُ غَنِيُّ لاَ يَكْذِبُ!» فيرُدُّ عليه عليُّ بن عاصم قائلاً: «كَمْ مِنْ غَنِيٍّ يَكْذِبُ!» (٥) ويقول شُعْبَةُ مُؤَكِّداً رَأْيَهُ: «لاَ تَكْتُبُوا عَنِ الفُقَرَاءِ شَيْئًا» (٦).

ولقد قام العلماء - في مختلف العصور - في وجه هؤلاء المتاجرين بالحديث


(١) انظر " سنن النسائي بشرح السيوطي ": ١/ ٤٩ و" الكفاية ": ص ١٥٦.
(٢) راجع ترجمته في " تذكرة الحفاظ ": ١/ ٣٧٢.
(٣) " الكفاية ": ص ١٥٦ وانظر في " الباعث الحثيث ": ص ١١٦ ما يتعلَّق بموقف ابن دُكين من أخذ الأجر على الحديث.
(٤) هو شُعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي الواسطي، ويُكَنَّى أبا بسطام: مُحَدِّثُ البصرة وأمير المؤمنين في الحديث. رأى أنس بن مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وسمع أربع مائة من التابعين، تُوُفِّيَ سَنَةَ ١٦٠ هـ.
(٥) " الكفاية ": ص ١٥٥.
(٦) " الكفاية ": ص ١٥٦.