للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابعة: إنهم يقولون إن أهل السنة يزعمون أن الله تعالى عابث لاعب في أفعاله، حيث إنه يجوز عندهم أن يفعل سبحانه لا لغرض.

وهو أيضا افتراء وزور، فإن مذهب أهل السنة أن أفعاله تعالى كلها محكمة متينة مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى. وتلك الحكم والمصالح غايات لأفعاله تعالى ومنافع راجعة إلى المخلوقات. والعبث ما كان خاليا عن الفوائد والمنافع، لكنها ليست أسبابا باعثة على إقدامه وعللا مقتضية لفاعليته، فلا تكون أغراضا وعللا نائبة لأفعاله، فإنه لو كان فعله تعالى لغرض لكان مستكملا بتحصيل ذلك الغرض، فإنه هو الآمر الباعث للفاعل على الفعل، فهو المحرك الأول له وبه يصير الفاعل فاعلا لغرض، فلا بد أن يكون وجود ذلك الغرض أولى بالقياس من عدمه، وإلا لم يصلح لأن يكون غرضا له فيكون الفاعل حينئذ بفعله مستفيدا لتلك الأولوية ومستكملا بغيره فيلزم انفصاله سبحانه عنه واستكماله به، ويلزم أيضا أن يكون تعالى محلا للحوادث. ولأن فعله سبحانه لو كان لغرضه لكان ناقصا لأن غرض الفاعل لما كان سببا لإقدامه على فعله كان ذلك الفاعل ناقصا في

<<  <   >  >>