في أصول الفقه، وأصول الدين، وعلم المنطق، وعلم العربية، وعلم التصوف، وعلم الفرائض، وغير ذلك من سائر ما تحدث فيه، رضي الله عنه، له فيه التقدم والتحكم.
وأما خلقه، رضي الله عنه، فكان أحسن الناس خلقا، ولقد سمعت عنه، رضي الله عنه، إنه قال: أقمت عازما في جهاد النفس مدة من سبعة أعوام حتى استوى عندي من يعطيني دينار أو يذرني.
ومن حسن خلقه، رضي الله عنه، إنه كان مبتلي بإطلاق الناس عليه وإسماعهم ما لا يليق في جهته، فجاءه رجل يوما وسكين نصلة في يده، فقال له جئت لقتلك، فلاطفه وقال له اجلس واسترض على نفسك، فجلس، فقال له على ماذا تقتلني؟ فقال له قيل لي عنك إنك كافر، فقال له: الناقل أن كان عندك كاذبا فما يحل لك قتلي، وإن كان صادقا، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فجدد الرجل إيمانا بين يدي الشيخ، وتاب على يديه وصار من تلاميذه.
وكان معظما لأهل البيت، محترما لهم معترفا بالاسترقاق لهم والعبودية، وإذا قدم عليه أحد من أهل البيت يقوم له من مجلسه ويتمثل بين يديه حتى ينفصل. ولقد دخل عليه يوما رجل غريب، ذكر له إنه شريف، فعظمه واحترمه، وكان عليه طاشور مليح يساوي جملة كبيرة من الدراهم، فنزعه ودفعه للرجل، ولما انفصل الرجل، قال له رجل ممن حضر، هذا رجل غريب وهو فلان من أهل مراكش، فقال له الشيخ عرفنا من عاملنا، يعنى إنه فعل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان الرجل صادقا فجيد وإلا فقد بلغت النية.
ـ[أحوال زهده وكراماته رضي الله عنه]ـ: أما زهده فإنه كان زهدا