للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«قل.. يسمع لك» «١» ، ولمّا خلا نداؤنا له صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته ب (يا محمد) عن التعظيم.. كان حراما، كما يأتي أواخر الكتاب.

[المسألة] الثالثة:

صرح النووي رحمه الله تعالى في «أذكاره» وغيره بكراهة إفراد الصلاة عن السلام وعكسه، واستدل بورود الأمر بهما معا في الآية «٢» ، واعترض بما مرّ في الأحاديث من أن تعليم التسليم تقدم قبل تعليم الصلاة، فأفرد التسليم مدة قبل الصلاة في التشهد، ويردّ بأن الإفراد في ذلك الزمن لا حجة فيه؛ لأنه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم قصدا، كيف والآية ناصّة عليهما؟! وإنما يحتمل أنه علّمهم السلام، وظن أنهم يعلمون الصلاة، فسكت عن تعليمهم إياها، فلما سألوه عن تعليمها.. أجابهم لذلك، على أنه لا إفراد حقيقة، لما يأتي في معنى قولهم: (كيف نصلي عليك) ، والحق أن المراد بالكراهة خلاف الأولى؛ إذ لم يوجد هنا مقتضيها من النهي المخصوص، وما وقع في «الأم» وغيرها من الإفراد خطا لا دليل فيه؛ لاحتمال الجمع لفظا.

فإن قلت: الإفراد خطا مكروه أيضا على ما صرح به غير واحد.. قلت:

هو وإن صرح به الزين العراقي وغيره.. فيه نظر؛ فقد وقع من الشافعي وغيره كما تقرر، وهو يرد على من ادعى الكراهة.

قيل: والمراد بالسلام في قولهم: (أما السلام عليك فقد عرفناه) ..

سلام التحلل من الصلاة، وهو بعيد جدا، والأظهر- بل الصواب-: أنه ما علّمه لهم في التشهد، وهو: (السلام عليك أيها النبي) .

ومما ورد في فضل السلام عليه صلى الله عليه وسلم حديث: «لمّا كانت ليلة بعثت.. ما مررت بشجر ولا حجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله» «٣» .


(١) أخرجه البخاري (٧٥١٠) ، ومسلم (١٩٣) .
(٢) الأذكار (ص ٢١٤) .
(٣) ذكره الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص ١٥٩) ، وأخرجه البيهقي بنحوه في «دلائل-

<<  <   >  >>