للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميعها على كل أحد، فلا يعذر أحد بالجهل بها، بخلاف ما عدا ذلك؛ لأنه يضايق في نحو الركن لتوقف وجود الماهية عليه ما لا يضايق في غيره، فتأمل ذلك؛ فإنه مهمّ.

واستدل بعضهم لوجوبها في الصلاة بأنها واجبة عليه إجماعا، وليست خارج الصلاة واجبة إجماعا، فتعين أن تجب في الصلاة، وليس في محله؛ إذ كلّ من إجماعيه ممنوع، كما علم مما قدمته.

ومن زعم أن الشافعي رضي الله تعالى عنه هو المستدل بذلك.. فقد وهم، والذي استدل به في «الأمّ» قريب مما قدمته آنفا عن البيهقي.

تتمة: [في صلاة رسول الله ص على نفسه]

اختلف في وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم في أماكن أخرى وستأتي، وتجب أيضا بالنذر؛ لأنها من أعظم القربات، ولو خاطب صلى الله عليه وسلم مصلّيا.. لزمه أن يجيبه فورا بالنطق، وإن كان في فرض؛ لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، وتخصيص بعض المالكية الوجوب بالنفل، أو بلفظ الصلاة عليه، أو بلفظ القرآن.. لا دليل عليه، ومرّ وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم في صلاته، وكان صلى الله عليه وسلم يصلّي على نفسه خارجها، كما هو ظاهر أحاديث، كقوله صلى الله عليه وسلم حين ضلت ناقته وتكلم منافق فيها: «إن رجلا من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم» «١» ، وقوله حين عرض على المسلمين ردّ ما أخذ من أبي العاصي زوج ابنته زينب قبل إسلامه:

«وإن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتني ... » الحديث «٢» ، واحتمال أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فيهما من الراوي بعيد جدا.


(١) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٤/ ٥٩) ، وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (٢/ ٦٦٠) ، والنميري في «تاريخ المدينة» (١/ ٣٤٩) .
(٢) أخرجه الحاكم (٤/ ٤٥) ، والبيهقي (٩/ ٩٥) .

<<  <   >  >>