تعليقها ببلوغه وفعله الذنب، أو طلبها لوالديه، أو لأحدهما، أو لمن ربّاه.
[فائدة:]
سئل الغزالي رحمه الله تعالى عن معنى صلاة الله تعالى على من صلى عليه صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي:«من صلى عليّ واحدة.. صلى الله عليه عشرا»«١» ، وعن صلاتنا عليه، وعن معنى استدعاء أمته الصلاة، أيرتاح بذلك، أم شفقة على الأمة؟ فأجاب: أما صلاة الله تعالى على نبيّه صلى الله عليه وسلم وعلى المصلين عليه: فمعناه إفاضة أنواع الكرامات، ولطائف النعم عليهم، وأما صلاتنا عليه وصلاة الملائكة في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. فهو سؤال وابتهال في طلب تلك الكرامة، ورغبة في إفاضتها عليه.
ثم قال: وأما استدعاؤه الصلاة من أمته.. فلثلاثة أمور:
[أحدها:]
أن الأدعية مؤثّرة في استدرار فضل الله تعالى ونعمته ورحمته سيّما في الجمع الكثير كعرفة والجمعة، فإن الهمم إذا اجتمعت وانصرفت إلى طلب ما في الإمكان وجوده على قرب كالمطر ودفع الوباء وغيره.. فاض ما في الإمكان من الفيض الحق بوسائط الرّوحانيات المسخرين لتدبير العالم الأسفل، المقيمين لتفقدهم، وإنما أثرّت الهمم لما بين الأرواح البشرية والرّوحانيات العالية من المناسبة الذاتية؛ فإن هذه الأرواح مجانسة لتلك الجواهر، وإنما يقطع مجانستها التدنس بكدورات الشهوات، ولذلك تكون همة القلوب الزكية الطاهرة أسرع تأثيرا، وتكون في حال التضرع والابتهال أنجح؛ لأن حرقة التضرّع تذيب كدورة الشهوات عن القلب في الحال، أو تضعفها وتكسر من ظلمتها، ولذلك قلّما يخطىء دعاء الجمع؛ إذ لا يخلو
(١) أخرجه مسلم (٤٠٨) ، وابن حبان (٩٠٦) ، وأبو داود (١٥٣٠) ، والترمذي (٤٨٥) ، والنسائي في «الكبرى» (١٢٢٠) ، وأحمد (٢/ ٤٨٥) .