الحمد لله رافع درجات المخبتين، ومجيب دعاء المضطرين، ومفرّج الكرب عن المهمومين، وجاعل الصّلاة على الشّفيع سببا للغفران، وبابا لتفريج الأحزان، وحرزا من وساوس الشّيطان.
فصلوات الله تترى، وسلامه يتوالى على من خصّه الله تعالى بالرّتب العليّة، والمقامات السّنيّة، وشرّفه بالمقام المحمود والحوض المورود، وحلّاه من الأخلاق بأجمل البرود، وعلى آله الأطهار الأبرار، وصحابته الغر الميامين الأخيار، والتّابعين لهم بإحسان.
أمّا بعد:
فإنّ الصّلاة على الحبيب الشّفيع ترياق للقلوب، وماحية للذنوب، ومرقاة إلى كلّ أمر محبوب، بها يحلّق الموفّق في أجواء العلياء، ويتدرّج في سلّم الارتقاء، حتى يبلغ مراتب الأولياء.
كيف لا؟! وقد صلى عليه خالقه والملائكة الكرام، وأمرنا بذلك تنويها بعظم المقام، ثم فصّلت السّنّة الغرّاء مزايا الصّلاة والسّلام، على من بعثه الله تعالى رحمة للأنام، فاغترف الموفّقون من هذا المنهل الرّويّ، وبلغ بها المقرّبون الشّأو القصيّ، وهرولت بالمحبين نجب الأشواق، إلى تلك الآفاق، فتذوقوا من أسرار الصّلاة والسّلام، المشفوعة بالمحبة والإعظام، فأنار الله تعالى بواطنهم، وصفّى قلوبهم، وحلّقت أرواحهم في رياض الذّكر فرتعوا، واعتصموا بالله ففازوا وربحوا، فتلك تجارة لن تبور.
[(ب)]
هذا، وقد تفنن أعلام الإسلام قديما وحديثا في الإشادة بفضلها، والترغيب في الإكثار منها، وتبيان أسرارها وعوائدها، فمن بين مقلّ ومكثر، وباسط ومختصر،