الطبع، والقوة التي تحرك الحجر إلى فوق ذراعا واحدا هي بعينها إن استعملت في تحريكه إلى أسفل.. حرّكته عشرة أذرع وزيادة؛ فلذلك كانت الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، ومنها أنه يوفّى أجره بغير حساب، وهي الحسنة التي لا يدافع تأثيرها، كحجر إن هوى من شاهق لا يصادمه دافع، فإنه لا يتقدّر مقدار هويّه بحساب حتى يبلغ الغاية والنهاية، والله أعلم.
[الفائدة] الخامسة
: عبّر بالجملة الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار؛ لتدل على دوام صلاة الله تعالى وملائكته على نبيّه صلى الله عليه وسلم، وهذه مرتبة عليّة باهرة لم توجد لغيره صلى الله عليه وسلم وإن وجد أصل الصلاة لإبراهيم عليه السلام وآله، كما يفيده حديث التشهد الرادّ على من زعم أنه ليس في القرآن ولا في غيره- فيما علم- صلاة من الله على غير نبينا صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك تلويح أيّ تلويح، وإرشاد أتمّ إرشاد للمؤمنين بأنهم ينبغي لهم إدامة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ تأسّيا بالله وملائكته في ذلك.
وكما أفادت الجملة الدّوام لكونها اسمية.. كذلك تفيد التجدّد؛ نظرا لخبرها، كما قالوا: حكمة العدول عن (الله مستهزىء بهم) إلى يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ: قصد استمرار الاستهزاء، وتجدّده وقتا فوقتا.
وهذا أتم وأجمع من تشريف الله تعالى لآدم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم بأمر الملائكة بالسجود له لاختصاصه بالملائكة، والصلاة شاركهم تعالى فيها، والتشريف الصادر عنه تعالى أبلغ مما يختص به الملائكة.
وأيضا: فسجودهم لآدم كان تأديبا، وأمرهم بالصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم كان توقيرا وتعظيما.
وأيضا: فذاك وقع مرة وانقطع، وهذا دائم إلى يوم القيامة.
وأيضا: فأمرهم بالسجود لآدم إنما هو لأجل ما كان بجبهته من نور محمد