- وإما أن التشبيه راجع للمصلي؛ أي: أعطني ثوابا على صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ثواب المصلي على إبراهيم، وفيه من البعد والتكلف ما لا يخفى.
- وإما أن التشبيه بالأعلى غير مطرد، بل قد يكون بالأدون، كما في قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ وأين يقع نورها من نوره تعالى؟! ولكن لمّا كان المراد ثمّ الظهور والوضوح للسامع.. حسن تشبيه النور بالمشكاة، وكذا هنا لمّا كان تعظيم إبراهيم وآله مشهورا عند سائر الطوائف.. حسن أن يطلب لمحمد وآله مثل ذلك، ويؤيده قوله في خبر مسلم وغيره:«في العالمين» عقب ذكر آل إبراهيم دون آل محمد «١» ؛ أي: كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وآله في العالمين، فالتشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر، لا من باب إلحاق ناقص بكامل.
- وإما أن سببه أن محمدا صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم، كما صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فكأنه أمرنا أن نصلّي على محمد وآله خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآله عموما، فيحصل لآل محمد صلى الله عليه وسلم ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له، وهو أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعا، فحينئذ ظهرت فائدة التشبيه، وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ.
- وإما أن المراد ب (اللهم صلّ على محمد) : اجعل من أتباعه من يبلغ النهاية في أمر الدين، (كما صليت على إبراهيم) بأن جعلت في آله أنبياء يخبرون بالمغيّبات، (وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم) بما أعطيتهم من التشريع والوحي، فأعطاهم التحديث؛ فمنهم محدّثون- بفتح الدال- وشرع لهم الاجتهاد، وقرره حكما شرعيّا، فأشبهوا الأنبياء في ذلك، وفيه من البعد ما لا يخفى.