قلت: يوافقه ما أخرجه أبو نعيم في «الحلية» في ترجمة سفيان بن عيينة: (أنه سئل عن: «اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... » إلخ، فقال: أكرم الله تعالى أمّة محمد صلى الله عليه وسلم فصلّى عليهم، كما صلّى على الأنبياء، فقال: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ، والسكن: من السكينة، فصلى عليهم كما صلى على إبراهيم [وعلى إسماعيل] وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهؤلاء الأنبياء المخصوصون منهم، وعمّ الله تعالى هذه الأمة بالصلاة، وأدخلهم فيما أدخل فيه نبيّهم صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل في شيء.. إلا دخلت فيه أمّته، ثم تلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وقال: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً، وذكر قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً إلى تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)«١» .
وحكمة تغاير أسلوبي الآيتين؛ أعني: هذه وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ.. الإشارة إلى مزيد الخصوصية له صلى الله عليه وسلم على سائر أمته؛ فإن إسناد الفعل إلى اثنين ليس كإسناده إلى واحد، ثم عطف آخر عليه، لإشعاره في الأول بأنه مسند إليهما أصالة، والثاني بأنه أصالة للأوّل وتبعا للثاني؛ فصلاة الملائكة على المؤمنين تابعة لصلاة الله تعالى عليهم، لا توجد بدونها؛ ضرورة التبعية، وصلاتهم عليه صلى الله عليه وسلم بطريق الأصالة، فتوجد مطلقا؛ فالآيتان وإن استوتا في صلاة الله تعالى.. فهما متفاوتتان في صلاة الملائكة، وكفى بهذا تمييزا وإشادة بعليّ مرتبته، وإشارة لباهر رفعته صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم، على أنه يأتي أن معنى الصلاة في الآيتين مختلف؛ فحينئذ لا جامع بين الصلاتين إلّا الاسم فقط.