واختلافهم في جواز الصلاة؛ لما قرّرته من أن الصلاة أخص، ففيها معنى زائد على مطلق الرحمة، فجازت مطلقا اتفاقا، وامتنعت الصلاة على غير الأنبياء- على قول- رعاية لذلك المعنى الأخص، ومن ثم وجبت بعد التشهد مع اشتماله على الدعاء بالرحمة.
وبهذا إن تأملته يظهر لك أنه لا خلاف في الحقيقة، وأن مال هذا القول والذي قبله إلى شيء واحد، والتخالف بينهما إنما هو في اللفظ فقط؛ إذ لا يسع أحدا أن يقول: إن صلاة الله تعالى على نبيه أو رحمته له صلى الله عليه وسلم بمعنى صلاته على بقية المؤمنين أو رحمته لهم؛ لأن القدر اللائق به صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره، فالرحمة وإن شملت الأمرين، لكنها بالنسبة للأنبياء أجل وأرفع، وهذا الأجلّ الأرفع فيه من الخصوص ما ليس في مطلق الرحمة، فخصّ باسم الصلاة، وخصّ اسمها باستعماله في الأنبياء؛ تمييزا له ولهم، وتنويها بشرفه صلى الله عليه وسلم وشرفهم، فافهم ذلك وأعرض عن غيره.
ثم رأيت عياضا ذكر ما يصرح بما ذكرته، حيث قال نقلا عن أبي بكر القشيري:(الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل تشريف وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وبهذا التقرير: يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين في أن الله وملائكته يصلّون على النبي، مع قوله قبله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق به صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها) اهـ ملخصا
- وقيل: هي الاستغفار، ونقله ابن أبي حاتم عن ابن جبير ومقاتل، وروي عن الضحاك، ورجحه القرافي، وجرى عليه البيضاوي وغيره.