للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم؛ ما اقتضاه كلامه من قصر المفاضلة على الرسول دون النبي.. غير مراد.

وقال الشيخ عز الدين: (لا يفضّل الملائكة إلا هجّام بنى التفضيل على حالات توهمها، ولا شك أن القليل من أعمال الأعرف خير من الكثير من أعمال العارف، قال: وليس لأحد أن يفضّل أحدا على أحد، ولا أن يسوّي أحدا بأحد حتى يقف على أوصاف التفضيل والتساوي) اهـ «١»

هذا، وبقي في المسألة أقوال أخر، أحدها مذهب المعتزلة: أن الملائكة أفضل مطلقا، ووافقهم أئمة من أهل السنة كالباقلّاني، والأستاذ أبي إسحاق، وأبي عبد الله الحاكم، والحليمي، والرازي في «المعالم» ، وأبي شامة، ولمّا روى البيهقي في «الشعب» أحاديث المفاضلة.. قال: (ولكلّ دليل ووجه، والأمر فيه سهل، وليس فيه من الفائدة إلا معرفة الشيء على ما هو عليه) اهـ «٢»

واستفيد منه: أن ذلك لا يجب اعتقاده، لكن قضيّة كلام التاج السبكي وجوبه، ويؤيد الأول قول صاحب «التعريف» : (مذهبهم السكوت عن التفاضل، وقالوا: الفضل لمن فضّله الله تعالى، ليس بجوهر ولا عمل، ولم يروا أحد الأمرين أوجب من الآخر بخبر ولا عقل، وليست المسألة مما كلفنا الله تعالى بمعرفة الحكم فيها، فلنفوّض إلى الله تعالى، ونعتقد أن الفضل لمن فضّله الله تعالى) اهـ

وقال الإمام أبو المظفر الإسفراييني: (اتفقوا على أن عصاة المؤمنين دون الأنبياء والملائكة، واختلفوا في المفاضلة بين المطيعين والملائكة على قولين) ، قال ابن يونس في «مختصر الأصول» بعد ذكر القولين: (وقال الأكثرون منا: المؤمن الطائع أفضل من الملائكة) ، والمعتمد من هذا


(١) القواعد الكبرى (٢/ ٣٧٩) .
(٢) شعب الإيمان (١/ ١٨٢) .

<<  <   >  >>