للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣].

فقد "أمر الناس أن يتبعوا ما أنزل إليهم، كلٌّ يتبع ما هو به أعلق، فالمشركون أنزل إليهم الزجر عن الشرك والاحتجاج على ضلالهم، والمسلمون أنزل إليهم الأمر والنهي والتكليف. فكلٌّ مأمور باتباع ما أنزل إليه" (١).

"والمراد بـ {مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} هو القرآن والسنة المبينة له، لا آراء الرجال" (٢).

قال ابن القيم: " أول مراتب تعظيم الحق عز وجل: تعظيم أمره ونهيه؛ وكذلك المؤمن يعرف ربه عز وجل برسالته التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس، ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه، وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله عز وجل واتباعه وتعظيم نهيه واجتنابه، فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالاً على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي، ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الأكبر؛ فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق وطلب المنزلة والجاه عندهم، ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع صلى الله عليه وسلم على المناهي، فهذا ليس فعله وتركه صادراً عن تعظيم الأمر والنهي، ولا تعظيم الآمر والناهي" (٣).

إن قبول نصوص الشريعة والانقياد لها من الإيمان والتصديق والخضوع والتواضع الذي يجب على الإنسان، ولا يصح الإسلام إلا بذلك.

فيجب" التسليم المحض للوحي، فإذا سلم القلب له رأى صحة ما جاء به، وأنه الحق بصريح العقل والفطرة، فاجتمع له السمع والعقل والفطرة، وهذا أكمل الإيمان،


(١) التحرير والتنوير، لابن عاشور (٨/ ١٢).
(٢) أضواء البيان، للشنقيطي (٧/ ٣٠٠).
(٣) الوابل الصيب، لابن القيم (ص: ١٥).

<<  <   >  >>