للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِصنُ المراقبة

يواجه الإنسانُ في هذه الحياة أعداء كثيرين: إبليس والهوى والدنيا والنفس الأمارة بالسوء، ولو تُرك وإياهم لهلك. فكان لابد له من ملجئ يأوي إليه، وحصن يتحصن فيه؛ ليسلم من فتك هؤلاء الأعداء، ويصل إلى خير الدنيا والآخرة.

وفي مراقبة الله تعالى في السر والعلن حصن حصين، وحرز مكين، يحمي من تحصن به من أولئك الأعداء وشرورهم.

حقيقة مراقبة الله تعالى:

إن مراقبة العبد لربه سبحانه وتعالى حقيقة باطنة تعبر عنها صور ظاهرة من الأعمال والأقوال والأحوال، وتكون في ثلاثة أشياء: "مراقبة الله في طاعته بالعمل الذي يرضيه، ومراقبة الله عند ورود المعصية بتركها، ومراقبة الله في الهم والخواطر والسر والإعلان" (١).

قال ابن القيم في حقيقة المراقبة هي: " دوام علم العبد وتيقّنه باطّلاع الحقّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه، فاستدامته لهذا العلم واليقين: هو المراقبة، وهو ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه، ناظر إليه، سامع لقوله، وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة، وكل نفَس وكل طرفة عين " (٢) ويصدِّق ذلك العلمَ كفُّ الجوارح عن الآثام، وإقبالها على أداء ما وجب عليها من التكاليف.

وقال الغزالي: "اعلم أنّ حقيقة المراقبة هي ملاحظة الرّقيب، وانصراف الهمم إليه،


(١) مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار، للسلمان (١/ ٣٥).
(٢) مدارج السالكين، لابن القيم (٢/ ٦٥).

<<  <   >  >>