للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهِمَّةَ الهِمَّةَ

ليستْ قوةُ البدن هي القوةَ الوحيدة في الإنسان، بل هناك قوى أخرى كامنة في هذا المخلوق، فمن أعظم تلك القوى: قوة العزيمة المعبَّر عنها بالهمة العالية، والتي تطلب معالي الأمور، وتكره سفاسفها، وتعشق الفضائل، وتسعى جاهدة إليها، وتفر من الرذائل وتنفر عنها.

أهمية علو الهمة:

إن علو الهمة في المحامد من شرف النفس، وبراهين الفضيلة، ومخايل النجابة، وأدلة نضوج العقل، وظهور الفضل، وبها يعرف الرجال؛ لأن المرء بهمته يبلغ المجد، وينال الرغائب، ويكتسب الثناء، ويصل إلى النعم. قال ابن القيم: " لو كانت النفس شريفة كبيرة لم ترض بالدون، فأصل الخير كله بتوفيق الله ومشيئته وشرف النفس ونبلها وكِبَرها، وأصل الشر خستها ودناءتها وصغرها" (١).

وقال الماوردي: " وقال بعض الحكماء: الهمة راية الجِد. وقال بعض البلغاء: علو الهمم بذر النِّعم. وقال بعض العلماء: إذا طلب رجلان أمراً ظفر به أعظمهما مروءة. وقال بعض الأدباء: من ترك التماس المعالي بسوء الرجاء لم ينل جسيمًا" (٢).

وقال الدينوري: "رأيتُ في بعض أسفاري شيخًا توسمت فيه الخير، فقلت له: يا سيدي، كلمة تزودني بها. قال: همتك فاحفظها؛ فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته، وصدق فيها صلح له ما وراءها من الأعمال والأحوال" (٣).


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ١٧٧).
(٢) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ٤٠٢).
(٣) صفة الصفوة، لابن الجوزي (٤/ ٤٣٤).

<<  <   >  >>