للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رِقة ابتلاه الله على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) (١).

فطريق الجنة محفوف بالمكروهات، مليء بالمشقات، وتلك الدار الكريمة غالية ثمينة، والغالي لا ينال إلا ببذل الغالي، واستسهال النَّصَب في طريقه. قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٢]. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حُفّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) (٢). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة) (٣).

لا تَحسَبِ المجدَ تَمراً أَنْتَ آكِلُهُ … لا تَبلُغ المجدَ حَتى تَلعَق الصَبرا (٤).

غاية البلاء:

وليس هذا البلاء للمؤمن إلا لاختبار إيمانه، وتخليصه من الضعف، وتكفير سيئاته، ورفع درجاته، وتصفية صف الإيمان من أدعيائه؛ ولما ينتظر المؤمنَ عند الله تعالى من حسن الجزاء الذي لا يُنال إلا بركوب مطية العناء والتعب، والتقلل من الراحة والدعة؛ ولن يبلغ إلى ذلك إلا بالصبر والمصابرة، والجد والمجاهدة. قال تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٤٠، ١٤١]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل


(١) رواه الترمذي (٤/ ٦٠١)، وابن ماجه (٢/ ١٣٣٤)، وأحمد (٣/ ١٥٩)، وهو صحيح.
(٢) رواه البخاري (٥/ ٢٣٧٩)، ومسلم (٤/ ٢١٧٤).
(٣) رواه الترمذي (٤/ ٦٣٣)، والحاكم (٤/ ٣٤٣)، وهو صحيح.
(٤) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للتلمساني (٢/ ٧٣).

<<  <   >  >>